فَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ لَمْ يُجْزِهِ. ٢٥٨ -
لِأَنَّ صَرْفَهُ إلَى الْفَرْضِ حَمْلًا لَهُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا. ٢٥٩ - فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى النَّفَلَ فِيهِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ كَانَ نَفْلًا
وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَلِذَا قَالُوا أَنَّ صَوْمَ الْكَفَّارَاتِ وَقَضَاءَ رَمَضَانَ يَحْتَاجُ إلَى تَبْيِيتِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْوَقْتَ صَالِحٌ لِصَوْمِ النَّفْلِ؛ وَأَمَّا الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِي هَذَا الْمَبْحَثِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قِيلَ عَلَيْهِ: فِي هَذَا الِاسْتِنْبَاطِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي النِّيَّةِ فِيهِ يَصْرِفُ إلَى الْفَرْضِ حُكْمًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَكَيْفَ يَقُولُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَهُوَ مُصَادِمٌ لِكَلَامِهِمْ إنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ الْإِطْلَاقُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بِالصَّرْفِ إلَيْهِ وَجَدَتْ نِيَّةَ الْفَرْضِ فَهُوَ عَيْنُ مَا قَالُوا تَمَامًا.
(٢٥٨) قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَرْفَهُ إلَى الْفَرْضِ.
أَيْ مُتَعَيِّنٌ فَخَبَرُ أَنَّ مَحْذُوفٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
(٢٥٩) قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ إلَخْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ لَا يَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الْمَرِيضُ حَجَّهُ بِالْبُرْءِ فَبَرَأَ وَحَجَّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ حَيْثُ قَالَا: مَرِيضٌ عَلَّقَ الْحَجَّ بِالْبُرْءِ، وَحَجَّ جَازَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَرُدَّ مَا قِيلَ بِأَنَّهُ أَيْ الْمَرِيضُ أَطْلَقَ نِيَّةَ الْحَجِّ فَصُرِفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْ لَا يَقَعَ الْحَجُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا مُوَافَقَةُ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، إذَا لَمْ يَدْعُ الْقَائِلَ مُخَالَفَةِ مَا فِي الْمُنْيَةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute