وَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا يَقَعُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عَلِّقَا عَلَى وِلَادَتِهَا أُنْثَى بِهِ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: كُلُّ أَمَةٍ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ. أَيْ بِقَذْفِ الْغَيْرِ إيَّاهُ بِالزِّنَا كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ أَيْ لَا يُحَدُّ الْخُنْثَى بِقَذْفِهِ غَيْرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُحَدُّ.
قَوْلُهُ مِنْ غَرَائِبِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْمُهِمَّةِ فِي مَنَاقِبِ الْأَئِمَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ حَارَ عُلَمَاءُ وَقْتِهِ فِيهَا، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِخُنْثَى لَهَا فَرْجٌ كَفَرْجِ النِّسَاءِ وَفَرْجٌ كَفَرْجِ الرِّجَالِ وَأَصْدَقَهَا جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ وَدَخَلَ بِالْخُنْثَى وَأَصَابَهَا فَحَمَلَتْ بِوَلَدٍ، ثُمَّ الْخُنْثَى وَطِئَتْ الْجَارِيَةَ فَحَمَلَتْ مِنْهَا بِوَلَدٍ، وَاشْتُهِرَتْ وَرُفِعَ أَمْرُهَا إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَسَأَلَ عَنْ الْخُنْثَى فَأُخْبِرَ أَنَّهَا تَحِيضُ وَتَطَأُ وَتُوطَأُ وَتُمْنِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ حَبِلَتْ وَأَحْبَلَتْ فَصَارَ النَّاسُ مُتَحَيِّرِي الْأَفْهَامِ فِي جَوَابِهَا وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إلَى حُكْمِ قَضَائِهَا وَفَصْلِ خِطَابِهَا فَاسْتَدْعَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غُلَامَيْهِ بَرَقًا وَقَنْبَرَ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَذْهَبَا إلَى هَذِهِ الْخُنْثَى وَيَعُدَّانِ أَضْلَاعَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فَهِيَ امْرَأَةٌ وَإِنْ كَانَ الْجَانِبُ الْأَيْسَرُ أَنْقَصَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بِضِلْعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ رَجُلٌ، فَذَهَبَا إلَى الْخُنْثَى كَمَا أَمَرَهُمَا وَعَدَّا أَضْلَاعَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَوَجَدَا أَضْلَاعَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ أَنْقَصَ عَنْ الْأَيْمَنِ بِضِلْعٍ فَجَاءَا وَأَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ وَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهِ، فَحَكَمَ عَلَى الْخُنْثَى بِأَنَّهَا رَجُلٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحِيدًا أَرَادَ سُبْحَانَهُ الْإِحْسَانَ إلَيْهِ فَجَعَلَ لَهُ زَوْجًا مِنْ جَنْبِهِ لَيَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَلَمَّا نَامَ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ضِلْعِهِ الْقُصْرَى مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ حَوَّاءَ فَانْتَبَهَ فَوَجَدَهَا جَالِسَةً إلَى جَنْبِهِ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ مِنْ الصُّوَرِ، فَلِذَلِكَ صَارَ الرَّجُلُ نَاقِصًا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ بِضِلْعٍ، وَالْمَرْأَةُ كَامِلَةُ الْأَضْلَاعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْأَضْلَاعُ الْكَامِلَةُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا؛ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ وَأَمَّا فِي الرَّجُلِ فَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا اثْنَيْ عَشَرَ فِي الْأَيْمَنِ وَأَحَدَ عَشَرَ فِي الْأَيْسَرِ، وَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ ضِلْعٌ أَعْوَجُ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ بِأَنَّ " الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كُسِرَ وَإِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْتَ بِهِ عَلَى عِوَجٍ " وَاَللَّهُ تَعَالَى الْهَادِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute