للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تُقْتَلْ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ،

٢٨ - وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَتَعْتَكِفُ فِي بَيْتِهَا،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ. أَيْ بَلْ تَجْلِسُ الْمُرْتَدَّةُ حَتَّى تُسْلِمَ وَتُؤْسَرَ الْمُشْرِكَةُ. أَقُولُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُرْتَدَّةِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمُرْتَدَّةِ بِالسِّحْرِ فَإِنَّهَا تُقْتَلُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى وَفِي الْمُشْرِكَةِ بِأَنْ لَا تَكُونَ ذَا رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ أَوْ بِأَنْ لَا تَكُونَ مَلِكَةً فَإِنْ كَانَتْ ذَا رَأْيٍ أَوْ مَلِكَةً تُقْتَلْ.

(٢٨) قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. أَقُولُ ظَاهِرُ اسْتِثْنَائِهِمَا قَبُولَ شَهَادَتِهَا فِيمَا عَدَاهُمَا وَيُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ (انْتَهَى) . وَعَلَّلَهُ الْبَزَّازِيُّ بِأَنَّ الشَّرْعَ شَرَعَ لِذَلِكَ طَرِيقًا وَهُوَ مَنْعُهُنَّ عَنْ الْحَمَّامَاتِ، فَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلْنَ كَانَ التَّقْصِيرُ إلَيْهِنَّ لَا إلَى الشَّرْعِ (انْتَهَى) . لَكِنْ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي الْقَتْلِ فِي حُكْمِ الدِّيَةِ كَيْ لَا يُهْدَرَ الدَّمُ، فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِنَّ وَحْدَهُنَّ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. هَذَا وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ أَنَّهُ أَفْتَى بِصِحَّةِ تَقْرِيرِهَا فِي النَّظَرِ وَالشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ آخِذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحُمَامِ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَصْلُحُ شَاهِدَةً وَنَاظِرَةً وَوَصِيَّةً عَلَى الْيَتَامَى (انْتَهَى) . قَالَ: وَقَدْ أَفْتَيْت فِيمَنْ شَرَطَ الشَّهَادَةَ فِي وَقْفِهِ لِوَلَدِهِ وَتَرَكَ بِنْتًا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ وَظِيفَةَ الشَّهَادَةِ، وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا (انْتَهَى) . وَنَازَعَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ قَائِلًا: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْأَوْقَافِ مُتَعَلِّقًا بِنَاظِرَةٍ لَا بِشَهَادَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ تُنَازِعْ الْعَامِلَيْنِ فِيهِ فَالْمُتَعَارَفُ خِلَافُ هَذَا فِي الْأَوْقَافِ وَهُوَ كَوْنُ الشَّاهِدِ ذَكَرًا (انْتَهَى) . وَتَوَزَّعَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُحَقِّقِ فِي الْأَوْقَافِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا لَا بِنَظَرِهِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فَالْمُتَعَارَفُ إلَخْ فَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ جَائِزَةٌ فَكَذَا قَضَاؤُهَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهَا فِي الْأَوْقَافِ فَعَلَيْهِ تَقْرِيرُهَا شَاهِدَةٌ صَحِيحٌ (انْتَهَى) . أَقُولُ لَيْسَ النِّزَاعُ فِي كَوْنِهَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي صِحَّةِ تَقْرِيرِهَا فِي وَظِيفَةِ الشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ إذَا كَانَ عُرْفُ الْوَاقِفِينَ فِي كُتُبِ أَوْقَافِهِمْ تَجْرِي عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ لَا عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ كَمَا حَقَّقَ فِي مَحَلِّهِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهَا فِي وَظِيفَةِ الشَّهَادَةِ فِي الْأَوْقَافِ إذًا كَالْعُرْفِ الْوَاقِفِ مُسْتَقِرًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>