٤ - وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِ الطَّائِعِينَ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مُعَزِّيًا إلَى الْأَجْنَاسِ عَنْ الْإِمَامِ: لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ، وَفِي التَّفَاسِيرِ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي ثَوَابِ الْجِنِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِيهِمْ: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: ٣١] وَالْمَغْفِرَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
التَّوَقُّفُ. قَالَ الْكَرْدَرِيُّ: وَهُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَمَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ يُثَابُونَ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُعَاقَبُونَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَفِي فَتَاوَى أَبِي إِسْحَاقَ الصَّفَّارِ أَنَّ كُفَّارِ الْجِنِّ مَعَ كُفَّارِ الْإِنْسِ يَكُونُونَ فِي النَّارِ أَبَدًا، وَأَمَّا مُؤْمِنُو الْجِنِّ فَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي النَّارِ وَلَكِنْ فِي مَعْلُومِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ (انْتَهَى) .
(٤) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِ الطَّائِعِينَ.
إنْ قِيلَ: الْجَزْمُ بِدُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ أَعْظَمُ ثَوَابًا أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَوَابٌ زَائِدٌ عَلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ يَكُونُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثَوَابَهُمْ لَيْسَ كَثَوَابِ بَنِي آدَمَ قَالَ فِي الْيَوَاقِيتِ: ثُمَّ فِي الْجَنَّةِ يُنَكَّسُ الْأَمْرُ وَنَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَنَا، وَالْخَوَاصُّ مِنْهُمْ كَمَا يَرَاهُمْ الْخَوَاصُّ مِنَّا فِي الدُّنْيَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَكُونُونَ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ، وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ سِتَّةً وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا، فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَقْوَالًا مِنْهَا أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُقَالُ لَهُمْ: كُونُوا تُرَابًا، وَفِي شَرْحٍ يَقُولُ الْعَبْدُ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْجِنُّ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مُكَلَّفُونَ مُخَاطَبُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [الأنعام: ١٣٠] الْآيَةَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَشْوِيَّةِ أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إلَى أَفْعَالِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ وَاعْلَمْ أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَكَافِرَهُمْ فِي النَّارِ وَالْمُخَاطَبُونَ أَصْنَافٌ: بَنِي آدَمَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute