سَمِعُوهُ؛ سَوَاءٌ عَلِمَ الْإِنْسِيُّ بِهِمْ أَوْ لَا، وَإِذَا أَجَازَ الشَّيْخُ مَنْ حَضَرَ دَخَلَ الْجِنُّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِنْسِ. وَأَمَّا رِوَايَةُ الْإِنْسِ عَنْهُمْ فَالظَّاهِرُ مَنْعُهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الثِّقَةِ بَعْدَ التُّهَمِ. وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِزَادِ الْجِنِّ وَهُوَ الْعَظْمُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ. وَمِنْهَا أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تَحِلُّ. قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: «وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ» (انْتَهَى) .
١٨ - وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْكُرْدِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْجَانِّ وَأَوْلَادِ الشَّيْطَانِ وَبَيَانِ الْغُولِ وَالْكَلَامِ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَأَكْلِهِمْ
فَوَائِدُ: الْأُولَى: الْجُمْهُورُ؛ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنِّ نَبِيٌّ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: ١٣٠] .
ــ
[غمز عيون البصائر]
(١٨) قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْكُرْدِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ إلَخْ. أَقُولُ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الْجِنِّيَّ الْمُطِيعَ يَنَالُ الْجَنَّةَ وَذَكَرَ فِيهَا أَنَّ بَعْضَ الْمُعْتَزِلَةِ زَعَمَ أَنَّ الْجِنَّ لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ وَلَا يَطَأُ وَلَا يَتَوَالَدُ وَهَذَا بَاطِلٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ أَنَّ «الرَّجُلَ إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُسَمِّ انْطَوَى الْجَانُّ عَلَى إحْلِيلِهِ وَجَامَعَ مَعَهُ» . وَجَاءَ فِي الْقَصَصِ أَنَّ بِلْقِيسَ مِنْ بَنَاتِ الْجِنِّ وَأَنَّ أَبَاهَا السَّرْحَ ابْنَ الْهَدَاهِدَ تَزَوَّجَ بِرَيْحَانَةَ بِنْتِ السَّكَنِ وَكَانَتْ بِنْتَ الْجِنِّ وَفِيهَا أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وَالْفَلَاسِفَةَ أَنْكَرُوا وُجُودَ الْغُولِ، وَأَهْلُ الْحَقِّ قَالُوا بِوُجُودِهِ وَإِنَّهُ مَارِدُ الْجِنِّ يُضِلُّ ابْنَ آدَمَ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «لَا غُولَ» أَيْ لَا حُكْمَ لِلْغُولِ فِي الْإِضْلَالِ وَالْإِغْوَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا بُعِثَ لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ وَنَفْيِهَا بَلْ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute