صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مُؤْمِنِي الْبَشَرِ فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ. قَالَ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ: وَمُقْتَضَى هَذَا
٢٦ - أَنَّ الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمْ أَيْضًا (انْتَهَى) . وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْأُسْيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ بِالْآيَةِ نَظَرٌ،
٢٧ - لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ: لَا تُدْرِكُهُ أَيْ لَا تُحِيطُ بِهِ. وَاسْتَدَلَّتْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى. وَفِي فَتَاوَى أَبِي إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمَ بْنِ الصِّغَارَ مَا نَصُّهُ: اعْتِمَادُ وَالِدَيْ الشَّهِيدِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى سِوَى جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ يَرَى مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَرَى بَعْدَهَا (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمُ بْنُ قُطْلُوبُغَا وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ: الرُّؤْيَةُ جَائِزَةٌ عَقْلًا فَانْتِفَاءُ وُقُوعِهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالسَّمْعِ وَكَذَا مَا قَالَهُ فِي أَمْرِ جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (انْتَهَى) . وَفِي تُحْفَةِ الْجُلَسَاءِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ: الْأَقْوَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ إمَامُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْإِبَانَةِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَةِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ (انْتَهَى) . وَهَلْ مُؤْمِنُو الْبَشَرِ مِنْ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: فِيهِ احْتِمَالَانِ وَالْأَظْهَرُ مُسَاوَاتُهُمْ نَقَلَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ.
(٢٦) قَوْلُهُ: إنَّ الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ. كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ لَا يَرَوْنَهُ بِإِثْبَاتِ النُّونِ.
(٢٧) قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ فِيهِ أَنَّ حَمْلَ " الْ " فِي الْأَبْصَارِ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الْمُتَبَادَرُ الِاسْتِغْرَاقُ الْحَقِيقِيُّ الشَّامِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute