١١ - الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا فِي الْعِبَادَاتِ مُتَرَادِفَانِ
١٢ - وَفِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ، لَكِنْ قَالُوا: نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فَاسِدٌ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَلَا حَدَّ، وَبَاطِلٌ عِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَيُحَدُّ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: نِكَاحُ الْمَحَارِمِ؛ قِيلَ بَاطِلٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ، وَقِيلَ فَاسِدٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ (انْتَهَى) . وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ، فَمُتَبَايِنَانِ فَبَاطِلُهُ مَا لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ، وَفَاسِدُهُ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ، وَحُكْمُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يُمْلَكُ بِهِ. وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَمُتَبَايِنَانِ؛ قَالُوا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْبَاطِلَةِ، كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ
ــ
[غمز عيون البصائر]
يُقَالَ الْبَيْعُ أَقْسَامٌ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ وَمَكْرُوهٌ وَالصَّحِيحُ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَلَازِمٌ وَغَيْرُ لَازِمٍ.
(١١) قَوْلُهُ: الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا فِي الْعِبَادَاتِ مُتَرَادِفَانِ. أَقُولُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْبَاطِلَ مَا انْتَفَى رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْعِبَادَةِ أَوْ الْمُعَامَلَةِ كَصَلَاةٍ بِلَا وُضُوءٍ وَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ وَكَثِيرًا مَا يُطْلَقُ الْفَاسِدُ عَلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ وَالْفَاسِدُ لُغَةً الذَّاهِبُ الرَّوْنَقِ وَشَرْعًا مَا وُجِدَ أَرْكَانُهُ وَشُرُوطُهُ دُونَ أَوْصَافِهِ الْخَارِجِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا كَبَيْعِ خَمْرٍ وَصَلَاةٍ بِلَا فَاتِحَةٍ (انْتَهَى) . وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ فِي الْعِبَادَاتِ غَيْرُ مُتَرَادِفَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ غَرِيبٍ.
(١٢) قَوْلُهُ: وَفِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ. يَعْنِي أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ فِي بَابِ النِّكَاحِ مُتَرَادِفَانِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِي بَابِ النِّكَاحِ مَعَ الْمُنَافِي وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمَقَاصِدِ مِنْ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ لِلتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ لَا يَتَضَمَّنُ الْمَقَاصِدَ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ، فَإِنْ قُلْت: فَإِذَا كَانَ بَاطِلًا كَيْفَ تُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ وَغَيْرِهَا.؟ قُلْتُ لِتَحَقُّقِ شُبْهَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِمَّا تَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ كَذَا فِي حَوَاشِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute