وَاخْتَلَفُوا فِي جُحُودِ الْمُوصِي لِلْفَسْخِ؛ هَلْ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ يَجْعَلُ الْعَقْدَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِيمَا مَضَى، وَفَائِدَتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي أَحْكَامِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ،
٩ - وَذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
فِي فَصْلِ الْخِيَارَاتِ لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ بَيْعَ الْأَمَةِ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ لَا يَسَعُ الْبَائِعَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا فَالْفَسْخُ لَا يَتِمُّ بِهِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الدَّعْوَى وَأَظْهَرَهُ بِلِسَانِهِ بِأَنْ يَقُولَ: عَزَمْتُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ أَوْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ وَسِعَهُ الْوَطْءُ إذَا الْفَسْخُ تَمَّ
(٨) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي جُحُودِ الْمُوصِي لِلْوَصِيَّةِ إلَخْ. قَالَ فِي الْجَامِعِ لَا يَكُونُ فَسْخًا أَيْ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ يَعْنِي لِأَنَّ الرُّجُوعَ إثْبَاتٌ فِي الْمَاضِي وَنَفْيٌ فِي الْحَالِ وَالْجُحُودُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: إنَّهُ رُجُوعٌ فَقِيلَ: إنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكَافِي، وَقِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فَمَا فِي الْجَامِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُحُودِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَصِيِّ، وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ عِنْدَ حُضُورِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(٩) قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا إلَخْ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ بِرِضَاهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْقَائِلِ بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَجَعْلٌ لَهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا جُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ جُعِلَ الْفَسْخُ أَيْضًا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ بِدُونِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ، فَإِذَا انْعَدَمَ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ انْعَدَمَ الْفَسْخُ مِنْ الْأَصْلِ فَإِذَا انْعَدَمَ الْفَسْخُ عَادَ الْعَقْدُ لِانْعِدَامِ مَا يُنَافِيهِ فَيَتَمَكَّنُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى دَوْرٌ وَتَنَاقُضٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ يُقَالُ: يُجْعَلُ الْعَقْدُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute