عَلَى أَنَّ طَرِيقَ إيفَائِهِ إنَّمَا هُوَ الْمُقَاصَّةُ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ بَعْدَ قَضَائِهِ صَحَّ وَرَجَعَ الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّائِنِ بِمَا دَفَعَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ مِنْ قِسْمِ الْفَوَائِدِ
وَاخْتُصَّ الدَّيْنُ بِأَحْكَامٍ: مِنْهَا جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِهِ إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ؛ فَلَا يَجُوزُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِالتَّعْجِيزِ.
وَمِنْهَا جَوَازُ الرَّهْنِ بِهِ؛ ٢ - فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْأَمَانَةِ ٣ - وَالْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَمَا يَكُونُ مَالًا يَكُونُ مَالًا بَيْنَ النَّاسِ وَمَا لَا يَكُونُ شَرْعًا مُبَاحَ الِانْتِفَاعِ لَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ وَإِذَا عُدِمَ الْأَمْرُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ (انْتَهَى) .
وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْعَقِدْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِخَمْرٍ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْقِيمَةِ. وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: الْمَالُ اسْمٌ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ خُلِقَ لِمَصَالِحِ الْآدَمِيِّ وَأَمْكَنَ إحْرَازُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ حَقِيقَةً حَتَّى لَا يَجُوزَ قَتْلُهُ وَإِهْلَاكُهُ (انْتَهَى) . كَذَا فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الْبَيْعِ " وَالذِّمَّةُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمَحَلِّ يَقْبَلُ الْإِلْزَامَ وَالِالْتِزَامَ ". وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: " الذِّمَّةُ لُغَةً: الْعَهْدُ، وَاصْطِلَاحًا: الذَّاتُ وَالنَّفْسُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ " وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هِيَ مَعْنًى مُقَدَّرٌ فِي الْمَحَلِّ يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ
(٢) قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ مِثْلِ الْهَالِكِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا فَالْأَمَانَةُ إنْ هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا شَيْءَ فِي مُقَابِلَتِهَا أَوْ بِتَعَدٍّ فَلَا تَبْقَى أَمَانَةً بَلْ تَكُونُ مَغْصُوبَةً.
(٣) قَوْلُهُ: وَالْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا. الْمُرَادُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا عَيْنٌ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُ الْمَضْمُونَةَ كَبَيْعٍ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لَكِنَّ الثَّمَنَ يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ فَبِمُجَرَّدِ هَذَا الِاعْتِبَارِ سَمَّوْهُ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا فَكَأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ. ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute