وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
٢٣ - وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَمِنَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ، وَلَا تُسْجَرُ فِيهِ جَهَنَّمُ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ، وَفِيهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَكَانَ الْأَنْسَبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقِيلَ إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ إلَى أَنْ يَنْزِلَ فَإِنْ قُلْت: صُعُودُهُ إلَى نُزُولِهِ يَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْخُطَبَاءِ بَلْ الْوَاحِدُ إذْ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ فَيَلْزَمُ تَعَدُّدُهَا فِي حَقِّ كُلِّ خَطِيبٍ وَاخْتِلَافُهَا فِي حَقِّ الْخَطِيبِ الْوَاحِدِ بِاعْتِبَارِ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ قُلْت لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: هِيَ فِي حَقِّ كُلِّ خَطِيبٍ وَسَامِعِيهِ مِنْ حِينِ صُعُودِهِ إلَى نُزُولِهِ فَلَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَدْعُو فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْصَاتِ عِنْدَ سَمَاعِهَا؟ قُلْت الْمُرَادُ مِنْ الدُّعَاءِ اسْتِحْضَارُهُ بِقَلْبِهِ وَهُوَ كَافٍ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِنْصَاتِ مُلَاحَظَةُ مَعْنَى الْخُطْبَةِ وَاشْتِغَالِ قَلْبِهِ رُبَّمَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ.
(٢٢) قَوْلُهُ: وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. أَقُولُ: قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ وَسُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ حَقٌّ سَوَاءً كَانَ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا مُطِيعًا أَوْ فَاسِقًا لَكِنْ إذَا كَانَ كَافِرًا فَعَذَابُهُ يَدُومُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيُرْفَعُ الْعَذَابُ عَنْهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهْرَ رَمَضَانَ بِحُرْمَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَذَلِكَ فِي الْقَبْرِ يُرْفَعُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكُلَّ رَمَضَانَ بِحُرْمَتِهِ فَيُعَذَّبُ اللَّحْمُ مُتَّصِلًا بِالرُّوحِ وَالرُّوحُ مُتَّصِلًا بِالْجِسْمِ فَتَتَأَلَّمُ الرُّوحُ مَعَ الْجَسَدِ وَإِنْ خَارِجًا مِنْهُ ثُمَّ الْمُؤْمِنُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ مُطِيعًا لَا يَكُونُ لَهُ عَذَابٌ وَيَكُونُ لَهُ ضَغْطَةٌ فَيَجِدُ هَوْلَ ذَلِكَ وَخَوْفَهُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا يَكُونُ لَهُ عَذَابُ الْقَبْرِ وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ لَكِنْ يَنْقَطِعُ عَنْهُ عَذَابُ الْقَبْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لَا يَعُودُ الْعَذَابُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَإِنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ يَكُونُ لَهُ الْعَذَابُ سَاعَةً وَاحِدَةً وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْعَذَابُ كَذَا فِي الْمُعْتَقَدَاتِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمُعِينِ النَّسَفِيِّ الْحَنَفِيِّ. قِيلَ يُشْكِلُ كَلَامُهُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} [البقرة: ٨٦] اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّخْفِيفِ رَفْعُ الْعَذَابِ بِالْكُلِّيَّةِ.
(٢٣) قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ إلَى آخِرِهِ. فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُرْجَى لَهُ فَضْلٌ؛ لِأَنَّ لِبَعْضِ الْأَيَّامِ فَضْلًا عَلَى الْبَعْضِ (انْتَهَى) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute