وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ مِلَّةٍ، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ فِيهَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ أُجِّلَ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ شُرِعَتْ لِإِبْلَاءِ الْإِعْذَارِ، وَالْعُذْرُ قُدِّرَ شَرْعًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَتْلُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ قُتِلَ وَقُسِّمَ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَكَذَا إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ هَذَا فِي كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فَقَالَ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَصِيرُ فَيْئًا وَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ: لَا يَصِيرُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ فِي الْأَحْكَامِ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يُغْنَمَ مَالُهُ وَلَا يُسْتَرَقَّ كَافِرٌ، مِنْ وَجْهٍ حَتَّى حَلَّ قَتْلُهُ وَحَرُمَ ذَبِيحَتُهُ.
وَيَحْرُمُ التَّزَوُّجُ بِالْمُرْتَدِّ فَكَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ فَعَمِلْنَا بِهِمَا فِي الْحَالَيْنِ فَقُلْنَا بِتَوْرِيثِ كَسْبِ الْإِسْلَامِ عَمَلًا بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَبِعَدَمِ تَوْرِيثِ كَسْبِ الرِّدَّةِ عَمَلًا بِكَوْنِهِ كَافِرًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ قَتْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الرِّدَّةِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمَيِّتِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرِثُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ وَقْتَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ حَتَّى لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَارِثًا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَتَرِثُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
(٤) قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ مِلَّةٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْمُرْتَدُّ إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ لَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ كَالنَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ لِيَدْفِنُوهُ فِي مَقَابِرِهِمْ لَكِنْ يُحْفَرُ لَهُ حُفْرَةً فَيُلْقَى فِيهَا كَالْكَلْبِ (انْتَهَى) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute