أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَهِيَ طَلَبُ الثَّوَابِ بِالْمَشَقَّةِ فِي فِعْلِهَا ٣٣٥ - وَيَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُهَا مَصْلَحَةً لَهُ فِي دِينِهِ ٣٣٦ -، وَأَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى مَا وَجَبَ عِنْدَهُ عَقْلًا مِنْ الْفِعْلِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَأَبْعَدَ عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْ الظُّلْمِ وَكُفْرَانِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ هَذِهِ النِّيَّاتُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا خُصُوصًا عِنْدَ الِانْتِقَال مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ رُكْنٍ، وَالنَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِيهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ ٣٣٧ - وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ فِي النَّوَافِلِ أَنَّهَا لُطْفٌ فِي الْفَرَائِضِ وَتَسْهِيلٌ لَهَا ٣٣٨ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبَادَةَ الَّتِي هِيَ ذَاتُ أَفْعَالٍ
ــ
[غمز عيون البصائر]
مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْغَرَابَةَ فِي كَوْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى. (٣٣٥) قَوْلُهُ: وَيَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُهَا، عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: نِيَّةُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ تَقْدِيرِ السَّابِكِ وَالسَّبْكِ بِالْمَصْدَرِ. (٣٣٦) قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ يَفْعَلُهَا إلَخْ أَيْ وَيَنْوِي حِينَئِذٍ كَوْنَ فِعْلِهَا أَقْرَبَ إلَى مَا وَجَبَ عَقْلًا وَأَبْعَدَ عَمَّا حُرِّمَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى أَقْرَبَ أَيْ وَيَنْوِي كَوْنَ فِعْلِهَا أَبْعَدَ.
(٣٣٧) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ فِي النَّوَافِلِ أَنَّهُمَا لُطْفٌ فِي الْفَرَائِضِ وَتَسْهِيلٌ لَهَا. أَقُولُ: إنَّمَا كَانَتْ النَّوَافِلُ لُطْفًا فِي الْفَرَائِضِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُكَمِّلَاتٌ وَجَوَابِرُ لِلْفَرَائِضِ فَكَانَتْ رِفْقًا فِي أَدَائِهَا؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّوَافِلَ جَوَابِرُ الْفَرَائِضِ» ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَجْبُرُ السُّنَنَ الَّتِي فِي الْفَرَائِضِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْدِلَ شَيْءٌ مِنْ السُّنَنِ وَاجِبًا أَبَدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ أَحَدٌ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ) . (٣٣٨) قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبَادَاتِ ذَاتُ أَفْعَالٍ يُكْتَفَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute