للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفْرِيقِيَّةَ اسْتَفْتَى أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ فِي دُخُولِهِ الْحَمَّامَ مَعَ جَوَارِيهِ دُونَ سَاتِرٍ لَهُ وَلَهُنَّ. فَأَفْتَاهُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُنَّ مِلْكُهُ. وَأَجَابَ أَبُو مُحْرِزٍ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: إنْ جَازَ لِلْمَلِكِ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ وَجَازَ لَهُنَّ النَّظَرُ إلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُنَّ نَظَرُ بَعْضِهِنَّ إلَى بَعْضٍ. فَأَهْمَلَ أَسَدٌ إعْمَالَ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَمْ يَعْتَبِرْهَا لَهُنَّ فِيمَا بَيْنَهُنَّ وَاعْتَبَرَهَا أَبُو مُحْرِزٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ هُوَ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْفُتْيَا وَفِقْهِ الْفُتْيَا؛ فَفِقْهُ الْفُتْيَا هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ، وَعِلْمُهَا هُوَ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ مَعَ تَرْتِيبِهَا عَلَى النَّوَازِلِ. وَلَمَّا وَلِيَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الصَّالِحُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَضَاءَ الْقَيْرَوَانِ وَمَحَلُّ تَحْصِيلِهِ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ شَهِيرَةٌ. فَلَمَّا جَلَسَ الْخُصُومُ إلَيْهِ وَفَصَلَ بَيْنَهُمْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ مَقْبُوضًا. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: مَا شَأْنُك؟ فَقَالَ لَهَا: عَسُرَ عَلَيَّ عِلْمُ الْقَضَاءِ. فَقَالَتْ لَهُ: رَأَيْت الْفُتْيَا عَلَيْك سَهْلَةً، اجْعَلْ الْخَصْمَيْنِ كَمُسْتَفْتِيَيْنِ سَأَلَاك. قَالَ فَاعْتَبَرْت ذَلِكَ فَسَهُلَ عَلَيَّ (انْتَهَى) .

ــ

[غمز عيون البصائر]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>