. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
تَوْجِيهِهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً فَقَدْ أَخَّرَ التَّحْمِيدَ عَنْ وَقْتِهِ وَمَوْضِعِهِ وَتَأْخِيرُ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا يُفَوِّتُ كَمَالَ أَجْرِهَا.
رَأَيْتُ فِي تَفْسِيرِ السُّلَمِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: ٥٩] أَنَّ بَعْضَهُمْ سُئِلَ أَيُّهُمَا أَفَضْلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَفْضَلُ مِنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الْمِفْتَاحَ إذَا كَانَتْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْنَانٍ وَزِيدَتْ وَاحِدَةٌ لَا يَفْتَحُ الْبَابَ وَكَذَلِكَ إذَا زِيدَ عَلَى الْأَعْدَادِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ وَلَا يَحِلُّ اعْتِقَادُهُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَلَمْ يُعَبِّرْ الْقَرَافِيُّ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ يَنْبَغِي الْعَدَدُ الْمَخْصُوصُ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ الْآيَةَ السَّابِقَةَ لِأَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ وَتِلَاوَتُهُ عِبَادَةٌ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهَا وَلَا النَّقْصُ وَمُرَاعَاتَهُ مَطْلُوبَةٌ وَإِنْ أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ الذِّكْر يَعْنِي دُونَ التِّلَاوَةِ مُرَاعَاةً لِصُورَةِ النَّظْمِ وَإِعْجَازِهِ وَأَمَّا التَّسْبِيحَاتُ فَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ طُلِبَ الْعَدَدُ الْخَاصُّ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الْجَلَالِ كَالْمَالِكِ وَالْكَبِيرِ وَالْقَادِرِ وَالْقَاهِرِ وَقِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الْجَمَالِ كَالرَّبِّ وَالْمُحْسِنِ وَالْمُحْيِي وَالرَّزَّاقِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] أَيْ نُزِّهَ أَسْمَاؤُهُ عَلَى الْإِلْحَادِ فِيهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: ١٨٠] كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُ ذَاتِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ تَنْزِيهُ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَرَةُ قَدْ أَلْحَدُوا فِي أَسْمَائِهِ وَاشْتَقُّوا مِنْ اللَّهِ اللَّاتِ وَمِنْ اسْمِهِ الْعَزِيزِ الْعُزَّى وَمِنْ الْمَنَّانِ مَنَاةَ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُنَزِّهَ أَسْمَاءَهُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُنَزِّهَ صِفَاتِهِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤْتَى لِأَسْمَاءِ الذَّاتِ بِالتَّسْبِيحِ، وَالتَّسْبِيحُ هُوَ التَّنْزِيهُ عَنْ التَّشْرِيكِ وَعَمَّا لَا يَلِيقُ.
«وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَعْنَى سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ تَنْزِيهٌ مُنَاسِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute