١٠ - فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك، وَلَا تَحْتَشِمْ مِنْ أَحَدٍ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا وَلَا تَرْضَ لِنَفْسِك مِنْ الْعِبَادَاتِ.
١١ - إلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا فَالْعَامَّةُ إذَا لَمْ يَرَوْا مِنْك الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُونَ اعْتَقَدُوا فِيك قِلَّةَ الرَّغْبَةِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ عِلْمَك لَا يَنْفَعُك إلَّا مَا نَفَعَهُمْ الْجَهْلُ الَّذِي هُمْ فِيهِ.
وَإِذَا دَخَلْت بَلْدَةً فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ؛ فَلَا تَتَّخِذُهَا لِنَفْسِك، بَلْ كُنْ ١٢ - كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّك لَا تَقْصِدُ جَاهَهُمْ، وَإِلَّا يَخْرُجُونَ عَلَيْك بِأَجْمَعِهِمْ وَيَطْعَنُونَ فِي مَذْهَبِك، وَالْعَامَّةُ يَخْرُجُونَ عَلَيْك وَيَنْظُرُونَ إلَيْك بِأَعْيُنِهِمْ فَتَصِيرُ مَطْعُونًا عِنْدَهُمْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: الْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ فِي كَلَامِهَا الْمَاءَ لِكُلِّ مَا يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَمَوْقِعُهُ وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ وَمَحَلُّهُ فَتَقُولُ مَاءُ الْوَجْهِ وَمَاءُ الشَّبَابِ وَمَاءُ الْحَيَاةِ وَمَاءُ النَّعِيمِ وَمَاءُ السَّيْفِ كَمَا تَسْتَعِيرُ الِاسْتِسْقَاءَ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ قَالَ رُؤْبَةٌ:
أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي نَحْوَكَا ... إنِّي رَأَيْت النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا
لَمْ يَسْقِ مَاءً وَإِنَّمَا اسْتَطْلَقَ أَسِيرًا ... وَسَمَّوْا الْمُجْتَدِيَ مُسْتَمِيحًا
وَإِنَّمَا الْمَيْحُ جَمْعُ الْمَاءِ فِي الدَّلْوِ وَغَايَةُ دُعَائِهِمْ لِلْمَرْجُوِّ أَوْ الْمَشْكُورِ أَنْ يَقُولُوا: سَقَاهُ اللَّهُ فَإِذَا تَذَكَّرُوا أَيَّامًا لَهُمْ قَالُوا: سَقَى اللَّهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ انْتَهَى قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمَّا تَوَارَثُوا اسْتِعْمَالَهُ فِي الْعَظِيمِ الْمُخْبَرِ وَالْحَسَنِ الْمَنْظَرِ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِي خِلَافِهِ مُسْتَهْجَنًا فَلِذَا عِيبَ عَلَى أَبِي تَمَّامٍ قَوْلُهُ:
لَا تَسْقِنِي مَاءَ الْمُلَامِ فَإِنَّنِي ... حَقًّا قَدْ اسْتَعْذَبْت مَاءَ بُكَائِي
(١١) قَوْلُهُ: إلَّا بِأَكْثَرَ مَا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا الصَّوَابُ وَيَتَعَاطَاهُ.
(١٢) قَوْلُهُ: كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَالْأَوْلَى كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute