للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا، وَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ إنْ كَانَ ظَالِمًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قَاعِدَةٌ فِيهَا أَيْضًا

٤٢٠ - الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، فَلَوْ اغْتَاظَ مِنْ إنْسَانٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي لَهُ شَيْئًا بِفَلْسٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَيْئًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَحْنَثْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

عُرْفِ الْحَالِفِينَ وَأَغْرَاضِهِمْ، وَهُنَا مَسْأَلَةٌ نَصَّ فِيهَا عَلَى تَعْمِيمِ الْمُشْتَرَكِ بِالنِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ، ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْثِ الرَّابِعِ مِنْ الْقَاعِدَةِ: الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ، نَقَلَهَا عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَهِيَ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَغِيبَ فَحَلَّفَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَيَعْنِي كُلَّ سَفِينَةٍ جَارِيَةٍ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (انْتَهَى) .

وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا تَعْمِيمٌ لِلْمُشْتَرَكِ بِالنِّيَّةِ، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْقَيْنَةِ وَالسَّفِينَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ سَقَطَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقِيلِ، وَالْقَالِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى حَقَائِقِ الْأَحْوَالِ

(٤١٩) قَوْلُهُ: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا إلَخْ، قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ الْمَذْكُورُ قَرِيبًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ، وَذِكْرُ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: إنَّمَا أَطْلَقَ اتِّكَالًا عَلَى قُرْبِ الْعَهْدِ فَمَا أَطْلَقَهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَهُ وَعِبَارَاتُ الْمُصَنَّفِينَ يُحْمَلُ فِيهَا الْمُطَلَّقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَإِنْ بَعُدَ الْعَهْدُ فَمَا بَالَك، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ فَيُنْسَى، بَقِيَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إلَخْ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَالْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ.

وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَا إنْ اسْتَحْلَفَ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَهُوَ ظَالِمٌ، أَوْ مَظْلُومٌ فَنَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ بِأَنْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ الْوَثَاقِ، أَوْ الْعَتَاقِ عَنْ عَمَلِ كَذَا، أَوْ نَوَى الْإِخْبَارَ فِيهِ كَاذِبًا، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَظْلُومًا لَا يَأْثَمُ إثْمَ الْغَمُوسِ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا يَأْثَمُ إثْمَ الْغَمُوسَ (انْتَهَى)

(٤٢٠) قَوْلُهُ: الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، يَعْنِي مَتَى أَمْكَنَ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ لِمَا فِي الْجَامِعِ الْبَزَّازِيِّ، وَالْأَصْلُ اللَّفْظُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالْغَرَضُ نَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>