أَنْ يُوقِظَهُ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَبِهْ كَانَ كَمَا إذَا نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيهَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ أَرَ إلَى الْآنَ حُكْمَ إذَا مَا كَلَّمَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ سَكْرَانَ، وَلَوْ سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ حَيَوَانٍ صَرَّحُوا بِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْقَارِئِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهَا مِنْ جُنُبٍ، أَوْ حَائِضٍ، وَالسَّمَاعُ مِنْ الْمَجْنُونِ لَا يُوجِبُهَا، وَمِنْ النَّائِمِ يُوجِبُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ.
وَكَذَا تَجِبُ بِسَمَاعِهَا مِنْ سَكْرَانَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمُنَادَى النَّكِرَةُ إنْ قَصَدَ نِدَاءَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ يُعَرَّفُ وَوَجَبَ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّمِّ، وَإِلَّا لَمْ يُعَرَّفْ وَأُعْرِبَ بِالنَّصْبِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعَلَمُ الْمَنْقُولُ مِنْ صِفَةٍ إنْ قُصِدَ بِهِ لَمْحُ الصِّفَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا أُدْخِلَ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَإِلَّا فَلَا، وَفُرُوعُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَتَجْرِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْعَرُوضِ أَيْضًا، فَإِنَّ الشِّعْر عِنْدَ أَهْلِهِ كَلَامٌ مَوْزُونٌ مَقْصُودٌ بِهِ ذَلِكَ، أَمَّا مَا يَقَعُ مَوْزُونًا اتِّفَاقًا لَا عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى شِعْرًا، وَعَلَى ذَلِكَ خُرِّجَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَفِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْلِهِ:
هَلْ أَنْتَ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيتُ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَلْ أَنْتَ إلَخْ، أَقُولُ إنَّمَا يَتَأَتَّى الِاسْتِشْهَادُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ شِعْرٌ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ إنَّمَا هُوَ نَثْرٌ مُقَفًّى فَلَا، وَأَيْضًا إنَّمَا يَتَأَتَّى الِاسْتِشْهَادُ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ كَسْرِ التَّاءِ مَعَ الْإِشْبَاعِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ سُكُونِهَا فَلَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute