وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَتَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ.
وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَوْلُهُمْ: لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَحْتَهُ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى.
وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهَا عَلَيْك، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخَذْتهَا ظُلْمًا بَعْدَ الْعَزْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ حَادِثٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى أَقْرَبِ، أَوْقَاتِهِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَزْلِ، وَبِهِ قَالَ الْبَعْضُ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ. ٨٠ - وَكَذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ.
٨١ - وَخَرَجَ أَيْضًا عَنْهُ مَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ: قَطَعْت يَدَك وَأَنَا عَبْدٌ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: بَلْ قَطَعْتُهَا وَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ وَقَدْ أَعْتَقَهُ: أَخَذْتُ مِنْك غَلَّةَ كُلِّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَيَصِيرُ الْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى مِنْوَالٍ.
(٧٩) قَوْلُهُ: وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهُ أَيْضًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَسَيَذْكُرُهُ فِي الْإِقْرَارِ.
(٨٠) قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْقَاضِي أَنَّهُ فَعَلَهُ حَالَ قَضَائِهِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَفِيهِ: أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حَادِثٌ أُضِيفَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْقَاعِدَةِ لَا مِمَّا خَرَجَ عَنْهَا، وَحِينَئِذٍ يَشْكُلُ التَّشْبِيهُ فَتَأَمَّلْ
(٨١) قَوْلُهُ: وَخَرَجَ أَيْضًا عَنْهُ مَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ إلَخْ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute