للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ اللَّهِ الْفَتَّاحِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ إذَا تَمَّ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ

٧١ - يَصِيرُ نُزْهَةً لِلنَّاظِرِينَ، ٧٢ - وَمَرْجِعًا لَلْمُدَرِّسِينَ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

شَارَةً إلَى عُلُوِّ شَأْنِهِ وَرِفْعَةِ قَدْرِهِ وَمَكَانِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ الَّذِي لَا يُشْتَبَهُ وَالْبَيِّنُ الَّذِي لَا يَلْتَبِسُ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَسْنَا نُسَمِّيك إجْلَالًا وَتَكْرِمَةً ... وَقَدْرُك الْمُعْتَلِي عَنْ ذَاكَ يَكْفِينَا

وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمُطَارَحَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ وَالْمُكَاتَبَاتِ بَيَانٌ لِمَا.

وَالْمُطَارَحَاتُ جَمْعُ مُطَارَحَةٍ وَهِيَ أَنْ يَطْرَحَ أَحَدُ الْعَالِمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَسْأَلَةً فَيَتَكَلَّمَانِ فِيهَا أَشْفَاهًا.

وَالْمُرَاسَلَاتُ جَمْعُ مُرَاسَلَةٍ وَهِيَ أَنْ يُرَاسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَالِمَيْنِ إلَى الْآخَرِ بِمَسْأَلَةٍ يَسْأَلُهُ عَنْهَا سَوَاءً كَانَ بِمُكَاتَبَةٍ أَوْ رَسُولٍ وَعَلَى هَذَا فَعَطْفُ الْمُكَاتَبَاتِ عَلَى الْمُرَاسَلَاتِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ

(٧٠) فَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ إذَا تَمَّ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ: الرَّجَاءُ اعْتِقَادُ حُصُولِ الْخَيْرِ الْمُمْكِنِ، وَتَفْسِيرُهُ بِطَلَبِ الْمَحْبُوبِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَيُرَادِفُهُ الْأَمَلُ (وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالتَّمَنِّي) أَنَّ الرَّجَاءَ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ فَقَطْ وَالتَّمَنِّي فِيهِ وَفِي الْمُسْتَحِيلِ أَيْضًا وَالْكَرَمُ الْفَضْلُ وَالْإِحْسَانُ وَالْفَتَّاحُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى

(٧١) يَصِيرُ نُزْهَةً لِلنَّاظِرِينَ: النُّزْهَةُ اسْمٌ مِنْ التَّنَزُّهِ وَهُوَ التَّبَاعُدُ، وَمَكَانٌ نَزِهٌ كَكَتِفٍ وَنَزِيهٌ وَأَرْضٌ نَزِهَةٌ بِكَسْرِ الزَّايِ وَنَزِيهَةٌ بَعِيدَةٌ عَنْ الرِّيفِ وَعُمْقِ الْمِيَاهِ وَذِبَّانِ الْقُرَى وَمَدِّ الْبِحَارِ وَفَسَادِ الْهَوَى، وَتَنَزَّهَ الرَّجُلُ تَبَاعَدَ عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ فَهُوَ نَزِيهٌ وَاسْتِعْمَالُ التَّنَزُّهِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ وَالْخُضَرِ وَالرِّيَاضِ غَلَطٌ قَبِيحٌ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَدْ يُقَالُ اسْتِعْمَالُ التَّنَزُّهِ بِهَذَا الْمَعْنَى مَجَازِيٌّ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ غَلَطًا لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ لَا يَشْتَرِطُ اسْتِعْمَالَ الْعَرَبِ لَهُ لِأَنَّ الْمَجَازَ مَوْضُوعٌ بِالْوَضْعِ النَّوْعِيِّ لَا الشَّخْصِيِّ كَمَا حُقِّقَ فِي مَحِلِّهِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ وُجُودُ عَلَاقَةٍ مِنْ الْعَلَاقَاتِ الَّتِي اعْتَبَرَتْهَا الْعَرَبُ فِي الْمَعَانِي الْمَجَازِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَهِيَ اللُّزُومُ إذْ مِنْ لَازِمِ الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ الْبُعْدُ عَنْ الرِّيفِ وَالْقُرَى وَمَدِّ الْبِحَارِ وَالنَّاظِرِينَ جَمْعُ نَاظِرٍ مِنْ نَظَرَ فِي الشَّيْءِ إذَا فَكَّرَ فِيهِ وَتَأَمَّلَهُ.

(٧٢) وَمَرْجِعًا لِلْمُدْرَسِينَ: الْمَرْجِعُ مَكَانُ الرُّجُوعِ الْمُدَرِّسِينَ جَمْعُ مُدَرِّسٍ مِنْ دَرَسَ الْكِتَابَ قَرَأَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>