الْحَوَانِيتِ لَازِمٌ، وَيَصِيرُ الْخُلُوُّ فِي الْحَانُوتِ حَقًّا لَهُ؛ فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إخْرَاجَهُ مِنْهَا، وَلَا إجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا.
وَقَدْ وَقَعَ فِي حَوَانِيتِ الْجَمَلُونِ بِالْغُورِيَّةِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْغُورِيَّ لَمَّا بَنَاهَا أَسْكَنَهَا لِلتُّجَّارِ بِالْخُلُوِّ وَجَعَلَ لِكُلِّ حَانُوتٍ قَدْرًا أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَكَتَبَ ذَلِكَ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ
وَكَذَا أَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، قَدْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ بِالْقَاهِرَةِ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالِ يُعْطَى لِصَاحِبِهَا وَتَعَارَفُوا ذَلِكَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْفَرْقُ الْجَلِيُّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ فَكَيْفَ يَقُولُ لَا يُمْكِنُ صَاحِبَ الْحَانُوتِ إخْرَاجُ صَاحِبِ الْخُلُوِّ مِنْهَا وَلَا يُمْكِنُهُ إجَارَتُهَا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا أَلَيْسَ هَذَا حَجْرًا عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ عَمَّا يَمْلِكُهُ شَرْعًا بِمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ؟
وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ حِفْظَ الْمَالِ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ.
وَيُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ إجَارَةِ مِلْكِهِ بِلُزُومِ إتْلَافِ مَالِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّارِعُ مِثْلَ مَا لَوْ رَضِيَ بِالرِّبَا مَعَ غَيْرِهِ وَكَرِضَاهُ بِقَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَبَعْضُ عَمَلِهِ أُجْرَةٌ هُوَ مَمْنُوعُ مِنْهُ شَرْعًا، وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ لَا يُعْطِي أُجْرَةَ الْأَشْيَاءِ يَسِيرًا وَيَأْخُذُ هُوَ فِي نَظِيرِ خُلُوِّهِ قَدْرًا كَثِيرًا، يَجُوزُ هَذَا حَتَّى فِي الْوَقْفِ.
وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ سَكَنَ فِي الْوَقْفِ يَلْزَمُ أُجْرَتُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ، وَبِمَنْعِهِ النَّاظِرَ مِنْ إجَارَةِ الْحَانُوتِ الْوَقْفِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْخُلُوِّ يَفُوتُ نَفْعُ الْوَقْفِ، وَيَنْعَدِمُ غَلَّتُهُ وَيَتَعَطَّلُ مَا جَعَلَهُ الْوَاقِفُ مِنْ نَحْوِ إقَامَةِ شَعَائِرِ مَسْجِدٍ بِدَفْعِ أُجْرَةِ الدُّكَّانِ مَثَلًا لِلْقَائِمِ بِهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ إذَا لَمْ يُسْتَأْجَرْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْوَقْفِ، وَقَدْ لَا يُسْتَأْجَرُ وَلَا يُسْكِنُ غَيْرَهُ، يَضِيعُ نَفْعُ الْوَقْفِ لَمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ إمَامُ الْمَذْهَبِ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ.
ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي رَدِّ جَوَازِ الْخُلُوِّ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الْأَعْلَامِ.
وَأَمَّا ظَنُّ مَشْرُوعِيَّتِهِ بِلَفْظِ السُّكْنَى فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ بِوَجْهٍ لَا خَاصٍّ وَلَا عَامٍّ (انْتَهَى) .
قَوْلُهُ: وَأَمَّا ظَنُّ مَشْرُوعِيَّتِهِ بِلَفْظِ السُّكْنَى أَشَارَ بِهِ إلَى الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ بِلَالٍ الْحَنَفِيِّ حَيْثُ صَنَّفَ رِسَالَةً فِي جَوَازِ الْخُلُوِّ أَخْذًا مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ وَغَيْرِهِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَالْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ