للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

إلَّا رِشْوَةٌ.

وَالْعُرْفُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ نَصٌّ وَالْإِلْزَامُ تَحْلِيلُ مَا تَعَارَفَهُ الْعَوَامُّ وَبَعْضُ الْخَوَاصِّ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

وَقِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: الْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي إنَّ الْحُقُوقَ الْمُجَرَّدَةَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ عَدَمَ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ.

وَلَقَدْ رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ الْمَوَالِي مُجْمِعِينَ عَلَى جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ؛ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ غَيْرُ مُثْبِتٍ فَلَا مُعْتَبَرَ بِقَوْلِهِ (انْتَهَى) .

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ قَالُوا فِي النُّزُولِ يَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِمَنْعِ الرُّجُوعِ ثُمَّ قَالَ فِي الْحَاصِلِ: إنَّ فِي أَصْلِ صِحَّةِ النُّزُولِ نَظَرًا ظَاهِرًا، وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي عَدَمُ صِحَّةِ هَذَا وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ قَاسِمٌ الْحَنَفِيُّ بِجَوَازِهِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِسَالَةٍ لَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ نَظْمِ دُرَرِ الْبِحَارِ فِي بَابِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْكِبَارِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْكَمَ بِصِحَّةِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ الدِّينِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى تَرْكِ الْمَرْأَةِ قِسْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ (انْتَهَى) .

قُلْت: لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ الْعَيْنِيُّ لِبَيَانِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْإِسْقَاطِ وَقَدْ اسْتَخْرَجَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ صِحَّةَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ مِنْ فَرْعٍ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ لَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ أَوْ شُجَّ مُوضِحَةً فَأُدِّيَ الْأَرْشُ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ شَرَى بِهِ عَبْدًا آخَرَ يَخْدُمُهُ أَوْ يُضَمُّ إلَى ثَمَنِ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَبْدًا؛ لِيَقُومَ مَقَامَ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعِهِ لَمْ يُبَعْ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى قِسْمَةِ الْأَرْشِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ.

وَلَا يَكُونُ مَا يَسْتَوْفِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ مِنْ الْأَرْشِ بَدَلَ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ كَمَا لَوْ صَالَحَ مُوصًى لَهُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى مَالٍ لِيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لَهُ (انْتَهَى) .

قَالَ فَرُبَّمَا يَشْهَدُ هَذَا لِلنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ (انْتَهَى) .

فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا وَذَكَرَ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ أَفْتَى بِحِلِّ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْجَعَالَةِ فَيَسْتَحِقُّهُ النَّازِلُ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْرِرْ النَّاظِرُ الْمَنْزُولُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (انْتَهَى) .

ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجَعَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>