للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصْلَةِ، وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا

١٢ - وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِيمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ: هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ أَعْمَلَهُ عِتْقًا مَجَازًا عَنْ هَذَا حُرٌّ، وَهُمَا أَهْمَلَاهُ، وَقَالَ فِي الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْحُرُوفِ مِنْ أَوْ: وَقَالَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ: هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا: إنَّهُ بَاطِلٌ ١٣ -؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَحَلٍّ لِلْعِتْقِ، وَعِنْدَهُ هُوَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَخْ: قِيلَ: يَحْتَاجُ هَذَا الْفَرْعُ - مَعَ فَرْعِ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِأَبِيهَا إذَا قَالَ لَهَا: هَذِهِ بِنْتِي لَمْ تُحَرَّمْ - إلَى الْفَرْقِ لِأَبِي حَنِيفَةَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِقَوْلِهِ: هَذَا ابْنِي لَا يُنَافِي الْمِلْكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ لَا انْتِفَاءَ الْمِلْكِ مِنْ الْأَصْلِ، وَعَمَلُهُ فِي الْمَجَازِ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ أَيْضًا، وَصُلْحٌ مَجَازًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ: هَذِهِ بِنْتِي فَإِنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِهِ تُنَافِي النِّكَاحَ وَالْمَحَلِّيَّةَ، وَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ بِالطَّلَاقِ تُثْبِتُ النِّكَاحَ، وَالْمَحَلِّيَّةَ فَلَمْ تَجُزْ اسْتِعَارَتُهُ لِلطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا.

(١٣) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ، وَالْأَعَمُّ يَجِبُ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، وَالْوَاحِدُ الْأَعَمُّ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعِتْقِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ الْوَاحِدُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ لَا عَلَى الْمَفْهُومِ الْعَامِّ، إذَا لَا أَحْكَامَ تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ لَا بِالْمَفْهُومَاتِ.

هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ غَيْرَ عَيْنٍ صَالِحًا لِلْإِيجَابِ، وَبِدُونِ صَلَاحِيَّةٍ لِمَحَلٍّ لَا يَصِحُّ الْإِيجَابُ أَصْلًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ هُوَ كَذَلِكَ، أَيْ هُوَ اسْمٌ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ عَيْنٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ مَجَازًا حَتَّى لَزِمَهُ التَّعْيِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ إذْ الْمَرْءُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ، وَلَمَّا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ، أَعْنِي الْوَاحِدَ الْغَيْرَ الْمُعَيَّنِ فَالْعَمَلُ بِمَجَازٍ أَعْنِي الْوَاحِدَ الْمُعَيَّنَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ الْكَلَامِ وَإِبْطَالِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي التَّكَلُّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>