. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
بَاطِلٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧] وَالثَّانِي أَنَّ سُؤَالَ الرَّحْمَةِ يُشْرَعُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَالصَّلَاةَ تَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِآلِهِ فَهِيَ حَقٌّ لَهُ وَلِآلِهِ وَلِهَذَا مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدٌ مِنْ التَّرَحُّمِ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرِهِ. الثَّالِثُ أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَامَّةٌ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَصَلَاتَهُ خَاصَّةٌ بِخَوَاصِّ عِبَادِهِ وَقَوْلَهُمْ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ مُشْكِلٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالصَّلَاةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْخَيْرِ وَالثَّانِي أَنَّ دَعَوْت يَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَصَلَّيْت لَا يَتَعَدَّى إلَّا بِعَلَى وَدَعِي الْمُتَعَدِّي بِعَلَى لَيْسَ بِمَعْنَى صَلَّى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَالثَّالِثُ أَنَّ فِعْلَ الدُّعَاءِ يَقْتَضِي مَدْعُوًّا وَمَدْعُوًّا لَهُ تَقُولُ دَعَوْت اللَّهَ لَك بِخَيْرٍ. وَفِعْلُ الصَّلَاةِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلَا تَقُولُ صَلَّيْت اللَّهَ عَلَيْك وَلَا لَك فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَاهُ فَأَيُّ تَبَايُنٍ أَظْهَرُ مِنْ هَذَا؟ ، وَلَكِنَّ التَّقْلِيدَ يُعْمِي عَنْ إدْرَاكِ الْحَقَائِقِ فَإِيَّاكَ وَالْإِخْلَادَ إلَى أَرْضِهِ (انْتَهَى)
قَوْلُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِصَلَى وَفِي كَلَامِهِ إطْلَاقُ السَّيِّدِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حَكَاهَا ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْمُقْتَفَى أَحَدُهَا جَوَازُ إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ الثَّانِي لَا يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَعَزَاهُ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ.
الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالُوا لَهُ يَا سَيِّدَنَا قَالَ: إنَّمَا السَّيِّدُ اللَّهُ» .
وَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» .
كَذَا فِي التَّعْلِيقِ وَذَكَرَ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ أُسْتَاذُنَا عَنْ الْإِنْكَارِ حِكَايَةً عَنْ النَّحَّاسِ أَنَّهُ جَوَّزَ إطْلَاقَهُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُعَرَّفَ قَالَ وَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِغَيْرِهِ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ قَدْ عَرَفْت الْأَقْوَالَ أَرْبَعَةً وَالصَّحِيحُ مِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ فِي اللَّهِ بِمَعْنَى الْعَظِيمِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِ بِمَعْنَى الشَّرِيفِ الْفَاضِلِ الرَّئِيسِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاسْتِعْمَالُ الْعَرَبِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمَحْكِيُّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْإِطْلَاقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي وَصَلَتْ إلَيْهِ وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ مَنْ يَسُودُ قَوْمَهُ أَيْ يَرْأَسُهُمْ فَعِزُّهُ بِعِزِّهِمْ وَفَخْرُهُ بِكَوْنِهِ مَتْبُوعًا وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِاَللَّهِ الْغَنِيِّ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute