للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الثَّنَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ: الَّذِي يَمِيلُ إلَيْهِ خَاطِرِي الثَّانِي، كَمَا يَشْهَدُ بِهِ ذَوُو الْأَلْبَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ. هَذَا زُبْدَةُ مَا ذَكَرُوا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْكَلَامِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ خَطَأُ مَا زَعَمَهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْأَرْوَامِ الْمُتَعَاطِينَ لِلْوَعْظِ بَيْنَ الْأَنَامِ مِنْ فَسَادِ اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ بِالشَّافِعِيِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ إذْ الْحَنَفِيُّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، وَالشَّافِعِيُّ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهَا، وَمَا دَرَى هَذَا الْجَهُولُ الْعَارِي مِنْ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ أَنَّ وَجْهَ صِحَّةِ ذَلِكَ؛ هُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِقَادِ، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى السَّدَادِ فِيهِ، عَلَى ذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوِي الْفَضْلِ وَالْإِتْقَانِ.

(٧٣) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الثَّنَاءَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ. أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْقُرْآنِيَّةَ يُكْرَهُ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ: لَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ (انْتَهَى) .

وَفِي الِاخْتِيَارِ: وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَمَّا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ فَمَكْرُوهٌ (انْتَهَى) .

يَعْنِي تَحْرِيمًا كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ، بِعَدَمِ الْجَوَازِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالنَّظْمِ الْمُسْتَطَابِ: لِحُكْمِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأُمِّ الْكِتَابِ: دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ النَّصِّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ، وَالنَّصِّ عَلَى كَرَاهَتِهَا، يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا قَاطِعًا لِلْمَنْعِ مُقْتَضِيًا لِعَدَمِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَفِي التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ يَجِبُ التَّحْمِيدُ وَلَوْ قَرَأَ فِيهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ جَازَ وَلَوْ كَانَ سَاكِتًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَيْ إلَى آخِرِ السُّورَةِ، جَازَ (انْتَهَى) .

ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا نَصٌّ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي نُصَّ فِيهَا عَلَى اسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، مَسُّ الذَّكَرِ، وَمَسُّ الْمَرْأَةِ، وَأَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ. فَيُعَادُ بِهَا الْوُضُوءُ اسْتِحْبَابًا وَقَهْقَهَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّجْعَةُ بِالْقَوْلِ لِإِيجَابِهَا عَنْ مُجْتَهِدٍ، وَصِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبِيَاعَاتِ دُونَ التَّعَاطِي، فَبِذَلِكَ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِدُونِ قِرَاءَتِهَا مَعَ مُوَافَقَةِ كُتُبِ الْأُصُولِ عِنْدَنَا، عَلَى سُنِّيَّتِهَا فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ، هَذَا مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا يَحْلُو لَهَا. انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>