رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إلَّا إذَا كَانَ يَضْعُفُ عَنْهُ
٣٠ - الْمُسَافِرُ يُعْطِي صَدَقَةَ فِطْرَةٍ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ هُوَ، وَيَكْتُبُ إلَى أَهْلِهِ يُعْطُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ حَيْثُ هُمْ، وَإِنْ أَعْطَى عَنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ جَازَ
قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إلَخْ. فِي الْخَانِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ: هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ؟ قَالُوا: إنْ كَانَ شَابًّا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ يُخْبِرُهُ، يَعْنِي وُجُوبًا، وَإِنْ كَانَ شَيْخًا ضَعِيفًا لَا يُخْبِرُهُ، لِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ فَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَأْكُلَ ثُمَّ يُخْبِرَهُ (انْتَهَى) .
وَفِيهَا النَّائِمُ إذَا شَرِبَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ هُوَ كَالنَّاسِي، لِأَنَّ النَّائِمَ ذَاهِبُ الْعَقْلِ إذَا ذَبَحَ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ إذْ الْمُفْسِدُ وُجِدَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَا عَنْ قَصْدٍ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حُكْمَ النَّاسِي ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ بِالْأَثَرِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ قَاضِي خَانْ أَنَّ شُرْبَ النَّائِمِ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ زُفَرُ. وَقَالَ: لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ قِيَاسًا عَلَى النَّاسِي، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ، قُيِّدَ بِالنَّاسِي لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخْطِئًا أَوْ مُكْرَهًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَحَقِيقَةُ الْخَطَأِ أَنْ يُقْصَدَ بِالْفِعْلِ غَيْرُ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْجَنَابَةُ أَوْ الْمَضْمَضَةُ تَسْرِي إلَى الْحَلْقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ هُنَا أَنَّ الْمُخْطِئَ ذَاكِرٌ لِلصَّوْمِ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلشُّرْبِ، وَالنَّاسِي عَكْسُهُ كَذَا فِي الْبَيَانِيَّةِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ ذَاكِرٍ لِلصَّوْمِ وَغَيْرَ قَاصِدٍ لِلشُّرْبِ لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ النَّاسِي هُنَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُؤَاخَذَةُ بِالْخَطَأِ جَائِزَةٌ عِنْدَكَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ
(٣٠) قَوْلُهُ: الْمُسَافِرُ يُعْطِي صَدَقَةَ فِطْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ. قَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الرَّأْسِ الْمُخَرَّجُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ مُرَاعَاةً لِإِيجَابِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ وُجُودِ سَبَبِهِ. كَذَا فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُؤَدِّي حَيْثُ هُوَ وَلَا يُعْتَبَرُ مَكَانَ الرَّأْسِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَدُّ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ. وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا يُوَافِقُ تَصْحِيحَ الْمُحِيطِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي زَكَاةِ الْمَالِ فَالْمُعْتَبَرُ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute