إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا لَمْ يَحِلَّ الْخُرُوجُ
١١ - وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ لَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
تَعَرَّضَتْ لِلطَّرِيقِ وَلَهُمْ شَرِكَةٌ وَالنَّاسُ مُسْتَضْعَفُونَ عَنْهُمْ لَا يَجِبُ (انْتَهَى) .
وَاخْتُلِفَ فِي سُقُوطِ الْحَجِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ، فَقِيلَ: الْبَحْرُ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الْبَحْرِ السَّلَامَةَ مِنْ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِهِ يَجِبُ، وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيْحُونُ وَجَيْحُونُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ أَنْهَارٌ لَا بِحَارُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «سَيْحَانُ وَجَيْحُونُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» . كَذَا فِي الْبَحْرِ. قَالَ عِيسَى الْأَرْبِلِّيُّ:
يُرَى بِبِلَادِ الرُّومِ سَيْحَانُ سَائِحًا ... وَبِالشَّأْسِ يُلْقَى جَارِيًا نَهْرُ سَيْحُونَ
وَيُلْقَى بِأَرْضِ السِّيسِ جَيْحَانُ جَارِيًا ... وَفِي أَرْضِ بَلْخِي قَدْ جَرَى نَهْرُ جَيْحُونَ
وَفِي الصِّحَاحِ سَيْحَانُ نَهْرٌ بِالشَّامِ وَسَيْحُونُ نَهْرٌ بِالْهِنْدِ وَزَادَ فِي الصِّحَاحِ وَسَاحِينَ نَهْرٌ بِالْبَصْرَةِ انْتَهَى.
وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ سَيْحَانَ وَجَيْحَانَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَحْرِهِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ
(١٠) قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا إلَخْ. مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَيْسَتْ قَيْدًا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بَلْ يُسْتَفَادُ مِنْهَا تَقَيُّدُهَا بِمَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ خِدْمَتِهِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الْحَجِّ وَكَرِهَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ إنْ اسْتَغْنَيَا عَنْ خِدْمَتِهِ لَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ وَإِنْ احْتَاجَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كُرِهَ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْحِلِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لَا الْحَرَامُ الْمُطْلَقُ وَإِنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ أَمْرَدَ صَبِيحَ الْوَجْهِ لِلْأَبِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الْخُرُوجِ حَتَّى يَلْتَحِيَ وَإِذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَإِنْ الْتَحَى
قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ إلَخْ. أَيْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ لَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ تَشْبِيهًا بِالْحَاجِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْإِمَامُ الْمُبَجَّلُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُضَحِّيَ أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ.