إلَّا إذَا قَالَ لِصَحِيحَةٍ: إنْ صَحَحْت. ٤٩ -
وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا لَا.
٥٠ - (إنْ) عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ لِلصَّحِيحَةِ: إنْ صَحَحْت إلَخْ. يَعْنِي " فَأَنْتِ طَالِقٌ " يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَمْرٌ يَمْتَدُّ وَفِي مِثْلِهِ لِلدَّوَامِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فَيَحْنَثُ لِلْحَالِ.
كَمَا لَوْ قَالَ لِلْقَائِمِ: إذَا قُمْت، وَلِلْقَاعِدِ: إذَا قَعَدْت، وَلِلْبَصِيرِ إذَا أَبْصَرْتَ وَلِلْمُلُوكِ إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ يَحْنَثُ، كَمَا سَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ لِلدَّوَامِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ.
(٤٩) قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا لَا قِيلَ عَلَيْهِ: مُفَادُهُ امْتِدَادُ الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
إذْ هُمَا مِمَّا يَمْتَدُّ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: هُمَا وَإِنْ كَانَا مِمَّا يَمْتَدُّ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا عَلَّقَ بِالْجُمْلَةِ أَحْكَامًا لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَقَدْ جَعَلَ الْكُلَّ شَيْئًا وَاحِدًا.
(٥٠) قَوْلُهُ:
إنْ عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ إلَخْ.
لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِهِمْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُؤَبَّدَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ مُطْلَقًا.
وَمُؤَقَّتَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا الْيَوْمَ وَهَذَا الشَّهْرَ.
فَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَمِينَ الْفَوْرِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ فِي تَسْمِيَتِهَا وَلَا فِي حُكْمِهَا وَلَا خَالَفَهُ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا (انْتَهَى) .
بَلْ النَّاسُ عِيَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ كُلِّهِ وَهُوَ يَمِينٌ مُؤَبَّدَةٌ لَفْظًا مُؤَقَّتَةٌ مَعْنًى تُقَيَّدُ بِالْحَالِ أَوْ تَكُونُ بِنَاءً عَلَى أَمْرٍ حَالِيٍّ، فَمِنْ الثَّانِي امْرَأَةٌ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ فَحَلَفَ لَا تَخْرُجُ فَإِذَا جَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ الَّذِي تَهَيَّأَتْ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجْت أَيْ السَّاعَةَ
وَمِنْهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَا يَضْرِبُهُ فَتَرَكَهُ سَاعَةً بِحَيْثُ يَذْهَبُ فَوْرَ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَهُ لَا يَحْنَثُ لِذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَمِنْ الْأَوَّلِ اجْلِسْ تَغَدَّ عِنْدِي فَيَقُولُ: إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ - تُقَيَّدُ بِالْحَالِ، فَإِذَا تَغَدَّى فِي يَوْمِهِ فِي مَنْزِلِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَقَعَ جَوَابًا تَضَمَّنَ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، وَالسُّؤَالُ التَّغَدِّي الْحَالِيُّ فَيَنْصَرِفُ الْحَلِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْحَالِيِّ لِتَقَعَ الْمُطَابَقَةُ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْحَالِفِ، ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ تَارَةً يَثْبُتُ