وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ. ٥ - وَلَوْ قَالَ لِذِمِّيٍّ يَا كَافِرُ يَأْثَمْ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
٦ - وَضَابِطُ التَّعْزِيرِ: ٧ - كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَرَّرٌ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
(٤) قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ بِهِ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ فَإِذَا ارْتَكَبَهُ مَعْصِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ وَهُوَ الضَّابِطُ فِي التَّعْزِيرِ.
وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ بِأَنَّ الْغَمْزَ غِيبَةٌ حَيْثُ قَالَ: الْغِيبَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى اللِّسَانِ بَلْ التَّعْرِيضُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالتَّصْرِيحِ وَكَذَا الْفِعْلُ كَالْقَوْلِ، وَكَذَا الْإِيمَاءُ وَالْغَمْزُ وَالرَّمْزُ وَكُلُّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْغِيبَةِ وَهِيَ حَرَامٌ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «دَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ فَلَمَّا وَلَّتْ أَوْمَأْتُ بِيَدَيَّ أَيْ قَصِيرَةً فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ اغْتَبْتِهَا» .
وَمَنْ ذَلِكَ الْمُحَاكَاةُ كَأَنْ يَمْشِيَ مُتَعَارِجًا أَوْ كَمَا يَمْشِي فَهُوَ غِيبَةٌ بَلْ أَشَدُّ مِنْ الْغِيبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ فِي التَّصْوِيرِ وَالتَّفْهِيمِ وَتَمَامُهُ فِي الشِّرْعَةِ أَقُولُ قَوْلُهُ بَلْ التَّعْرِيضُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالتَّصْرِيحِ مُعَارَضٌ بِمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مِنْ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالشَّتْمِ وَغَيْرِهِ لَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ (انْتَهَى) . بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَ بِالتَّعْرِيضِ وَجَبَ التَّعْزِيرُ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ.
(٥) قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِذِمِّيٍّ: يَا كَافِرُ يَأْثَمُ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ إلَخْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِارْتِكَابِهِ مُوجِبَ الْإِثْمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يُعَزَّرُ لِمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ (انْتَهَى) قُلْت وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ كُلُّ إثْمٍ مُوجِبًا لِلتَّعْزِيرِ فَلْيُحَرَّرْ
(٦) قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ التَّعْزِيرُ أَيْ ضَابِطُ مُوجِبِ التَّعْزِيرِ.
(٧) قَوْلُهُ: كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ. فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ أَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ مُنْكَرًا أَوْ آذَى مُسْلِمًا بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ إلَّا إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْكَذِبِ كَ " يَا كَلْبُ " (انْتَهَى) . قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ فِي يَا كَلْبُ لِارْتِكَابِ الْكَذِبِ (انْتَهَى) .
وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ إبْلِيسُ أَوْ أَنْتَ فِرْعَوْنُ يَنْبَغِي أَنْ يُعَزَّرَ إذَا آذَاهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا (انْتَهَى) . أَقُولُ مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute