وَحَبْطُ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا
١٧ - لَكِنْ إذَا أَسْلَمَ لَا يَقْضِيهَا ١٨ - إلَّا الْحَجَّ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
(١٦) قَوْلُهُ: وَحَبْطُ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا يَعْنِي سَوَاءٌ رَجَعَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ.
فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ: أَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تُوجِبُ الْكُفْرَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مَا يَكُونُ خَطَأً لَكِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ فَيُؤْمَرُ قَائِلُهُ بِالْإِنَابَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَمِنْهَا مَا فِيهِ اخْتِلَافٌ فَيُؤْمَرُ بِاسْتِجْدَادِ النِّكَاحِ احْتِيَاطًا وَبِالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَمِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ إحْبَاطَ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْحَجِّ إنْ كَانَ حَجَّ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَطْؤُهُ مَعَ امْرَأَتِهِ زِنًا وَالْوَلَدُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِنَّهُ وَإِنْ أَتَى بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا قَالَ لَا يَرْتَفِعُ الْكُفْرُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَوَّدَ بِذِكْرِ هَذَا الدُّعَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً فَإِنَّهُ سَبَبُ النَّجَاةِ عَنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ بِوَعْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالدُّعَاءُ هَذَا: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ أَنْ أُشْرِكَ بِك شَيْئًا وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ» (انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْكَيْدَانِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَفَرَ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - بَطَلَتْ جَمِيعُ طَاعَاتِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ إلَّا الْحَجَّ فَإِنَّ نِسْبَةَ الْعُمُرِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْوَقْتِ إلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ أَحْبَطَهُ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَهَلْ تَبْطُلُ مَعَاصِيهِ؟ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّهَا لَا تَبْطُلُ، كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَعَاصِيَهُ لَا تَبْطُلُ، وَنَصُّهُ: قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ مَعْصِيَةٌ وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ
(١٧) قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا أَسْلَمَ لَا يَقْضِيهَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى كَوْنِ الرِّدَّةِ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ.
(١٨) قَوْلُهُ: إلَّا الْحَجَّ، قِيلَ عَلَيْهِ: الْحَصْرُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ مَنْ ارْتَدَّ وَقَدْ كَانَ صَلَّى صَلَاةً فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي آخِرِهِ يَقْضِي الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ. أَقُولُ: إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا بَاقٍ، أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ بِأَنَّ نِسْبَةَ الْعُمُرِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ الْوَقْتِ إلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ أَحْبَطَهُ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، لَكِنْ فِي التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ فِي الْحَجِّ، وَفِي الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا وَلَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا نَظَرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْحَجِّ إنْ كَانَ حَجَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute