للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ تَعَالَى فِي الْفَتَاوَى مِنْ أَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ يَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ وَفِيهِ بَعْضُ اخْتِلَافٍ، لَكِنْ لَا يُفْتَى بِمَا فِيهِ خِلَافٌ.

سَبُّ الشَّيْخَيْنِ وَلَعْنِهِمَا كُفْرٌ، وَإِنْ فَضَّلَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَيْهِمَا فَمُبْتَدِعٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ يَكْفُرُ إذَا أَنْكَرَ خِلَافَتَهُمَا أَوْ أَبْغَضَهُمَا لِمَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا، ٢٧ - وَإِذَا أَحَبَّ عَلِيًّا أَكُثْرَ مِنْهُمَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ (انْتَهَى) .

وَفِي التَّهْذِيبِ ثُمَّ إنَّمَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا بِإِنْكَارِ مَا وَجَبَ الْإِقْرَارُ بِهِ، ٢٨ - أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَلَامِهِ أَوْ وَاحِدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِالِاسْتِهْزَاءِ (انْتَهَى) .

يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

(٢٧) قَوْلُهُ: وَإِذَا أَحَبَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْثَرَ مِنْهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يُؤَاخَذُ بِهِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَدْ تَكُونُ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَقَدْ تَكُونُ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، فَالْمَحَبَّةُ الدِّينِيَّةُ لَازِمَةٌ لِلْأَفْضَلِيَّةِ فَمَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ الدِّينِيَّةُ لَهُ أَكْثَرَ فَمَتَى اعْتَقَدْنَا فِي وَاحِدٍ مِنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ أَفْضَلُ ثُمَّ أَحْبَبْنَا غَيْرَهُ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ أَكْثَرَ كَانَتْ تَنَاقُضًا، نَعَمْ إنْ أَحْبَبْنَا غَيْرَ الْأَفْضَلِ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّةِ الْأَفْضَلِ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ كَقَرَابَةٍ وَإِحْسَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ فَمَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَكِنَّهُ أَحَبَّ عَلِيًّا أَكْثَرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ مَحَبَّةً دِينِيَّةً فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ، إذْ الْمَحَبَّةُ الدِّينِيَّةُ لَازِمَةٌ لِلْأَفْضَلِيَّةِ لِمَا قَرَّرْنَا وَهَذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ إلَّا بِلِسَانِهِ وَأَمَّا فِي قَلْبِهِ فَهُوَ مُفَضِّلٌ لِعَلِيٍّ لِكَوْنِهِ أَحَبَّهُ مَحَبَّةً دِينِيَّةً زَائِدَةً عَلَى مَحَبَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَحَبَّةً دُنْيَوِيَّةً لِكَوْنِهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي فَلَا امْتِنَاعَ فِيهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

كَذَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا نَظَرْنَا بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ.

(٢٨) قَوْلُهُ: أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ قِيلَ: عَطْفٌ عَلَى إنْكَارٍ لَا عَلَى (مَا) وَقَوْلُهُ بِالِاسْتِهْزَاءِ، مُتَعَلِّقٌ بِلَفْظِ ذِكْرِ.

أَقُولُ فِيهِ: أَنَّهُ عَلَى هَذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ وَاحِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>