وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لَا أَصْلِيٍّ ٣٧ - إلَّا جُحُودًا.
لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْرِفَةُ اسْمِ أَبِيهِ، ٣٨ - بَلْ يَكْفِي مَعْرِفَةُ اسْمِهِ.
وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِحَضْرَةِ زَوْجَتِهِ ٣٩ - فَقَالَ كُنْتُ ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَفَرَ.
وَلَا يَكْفُرُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
وُقُوعُهُ كَرَامَةً كَمَا قِيلَ، يَعْنِي لِاخْتِصَاصِ هَذِهِ الْخَوَارِقِ بِالْأَنْبِيَاءِ.
وَالتَّحْقِيقُ وُقُوعُ مَا ذُكِرَ كَرَامَةً وَإِنْ كَانَ مَا جَازَ وُقُوعُهُ مُعْجِزَةً جَازَ وُقُوعُهُ كَرَامَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ.
هَذَا وَيُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ تَجْوِيزِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ كَرَامَةً فِي إلْحَاقِ ابْنِ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِيَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ التَّجْوِيزَ عِنْدَهُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ لَا الْوُقُوعِ احْتِيَالًا لِثُبُوتِ النَّسَبِ صِيَانَةً لِلْوَلَدِ عَنْ الضَّيَاعِ. وَالْكَلَامُ فِي اعْتِقَادِ جَوَازِ الْوُقُوعِ
. (٣٦) قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ لَا أُصَلِّي. فِي الْعِمَادِيَّةِ: مَنْ قَالَ: الْمَكْتُوبَةُ لَا أُصَلِّيهَا إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَفَرَ، وَإِنْ أَرَادَ حِكَايَةً لَا يَكْفُرُ (انْتَهَى) .
وَقَوْلُهُ لِمَكْتُوبَةٍ أَيْ الْقَائِلِ لَهُ: صَلِّ الْمَكْتُوبَةَ.
لَكِنَّ الْقَوْلَ إذَا تَعَدَّى بِاللَّامِ كَانَ بِمَعْنَى الْخِطَابِ وَالْمَكْتُوبَةُ لَا تُخَاطَبُ وَإِنَّمَا يُخَاطَبُ بِهَا.
(٣٧) قَوْلُهُ: إلَّا جُحُودًا أَيْ إلَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ جُحُودًا.
(٣٨) قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي مَعْرِفَةُ اسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْرِيفِ.
(٣٩) قَوْلُهُ: قَالَ كُنْت ظَنَنْت أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَفَرَ إلَخْ يَعْنِي إنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهَا هَذَا كُفْرٌ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَكْفُرُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ فِي بَابِ الْمُكَفِّرَاتِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَامَّةُ عَلَى التَّكْفِيرِ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ فِي كَوْنِ هَذَا مُوجِبًا لِلْكُفْرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْجِهَةِ وَمُثْبِتُهَا مُبْتَدِعٌ لَا كَافِرٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْجِسْمُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ.
وَفِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ: أَنَّ جَارِيَةً أُرِيدَ بِهَا إعْتَاقُهَا فِي كَفَّارَةٍ فَجِيءَ بِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُسْلِمَةٌ
.