للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٠ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فَأَجَابَ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْبَيْعَ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبَيَّنْت فِي

ــ

[غمز عيون البصائر]

مِلْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَصَّافُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَهُمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ وَصَلَتْ إلَى يَدِهِ بِإِقْطَاعِ السُّلْطَانِ إيَّاهَا لَهُ أَوْ بِشِرَاءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مَا صَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ لِمَوْتِ مَالِكِهَا وَعَدَمِ الْوَارِثِ أَوْ يَكُونَ الْوَاقِفُ لَهَا سُلْطَانٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ: فَإِنْ كَانَتْ مَوَاتًا أَوْ مِلْكًا لِلسُّلْطَانِ صَحَّ وَقْفُهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ وَقْفَيْ هِلَالٍ وَالْخَصَّافِ لِلْقَاضِي النَّاصِحِيِّ

وَصَرَّحَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ مَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ الْمُعَدَّةَ لَهَا الْعَيْنُ فَلَهُ إجَارَتُهَا وَتَبْطُلُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْإِقْطَاعِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا (انْتَهَى) .

وَإِنْ وَصَلَتْ الْأَرْضُ إلَى الْوَاقِفِ بِالشِّرَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنَّ وَقْفَهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا أَوْ تُرَاعَى شُرُوطُ وَقْفِهِ سَوَاءٌ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ أَمِيرًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْيَنْبُوعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى شُرُوطُهُ إنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ أَمِيرًا وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رِيعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لِلْوَظَائِفِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَصَلَتْ لِلْوَاقِفِ بِإِقْطَاعِ السُّلْطَانِ إيَّاهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يَكُونَ بَنَاهُ عَلَى أَصْلٍ فِي مَذْهَبِهِ فَلَا كَلَامَ لَنَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ لَهَا السُّلْطَانُ فَأَفْتَى الشَّيْخُ قَاسِمٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ أَجَابَ بِهِ حِينَ سُئِلَ عَنْ وَقْفِ السُّلْطَانِ جَقْمَقَ فَإِنَّهُ أَرَصَدَ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَصَالِحِ مَسَاجِدَ وَأَفْتَى بِأَنَّ السُّلْطَانَ الْآخَرَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ بَرْقُوقٌ قَبْلَهُ أَرْصَدَهَا عَلَى رَجُلٍ وَأَوْلَادِهِ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى مَصَالِحِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ إنَّ الْإِرْصَادَ مِنْ السُّلْطَانِ بَرْقُوقٍ الْمُتَقَدِّمِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْوَقْفِيَّةِ فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ فِيهِ حُكْمَ وَقْفِ السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِرْصَادِهِ لِذَلِكَ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ وَقْفُ مَسْجِدٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (انْتَهَى) .

(٧٠) قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ إلَخْ كَلِمَةُ (عَنْ) هُنَا كَكَلِمَةِ (مِنْ) فِي مِثْلِهِ تُفِيدُ أَنَّ مَا بَعْدَهَا مَصْدَرٌ لِمَا قَبْلَهَا وَسَبَبٌ لَهُ عَلَى طَرِيقِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: ٨٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>