للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٤ - وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ، فَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ النَّاظِرُ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الشَّادِّ زَمَنَ الْعِمَارَةِ وَالْكَاتِبِ بِهِمْ لَا فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْجَابِي الْمُبَاشِرِ لِلْجِبَايَةِ بِهِمْ، وَالسَّوَّاقُ مُلْحَقٌ بِهِمْ أَيْضًا، وَالْخَطِيبُ مُلْحَقٌ بِالْإِمَامِ بَلْ هُوَ إمَامُ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ قَيَّدَ الْمُدَرِّسَ بِمُدَرِّسِ الْمَدْرَسَةِ وَظَاهِرُهُ إخْرَاجُ مُدَرِّسِ الْجَامِعِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ؛ فَإِنَّ مُدَرِّسَ الْمَدْرَسَةِ إذَا غَابَ تَعَطَّلَتْ الْمَدْرَسَةُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ كَمُدَرِّسِي الرُّومِ، أَمَّا مُدَرِّسُ الْجَامِعِ كَأَكْثَرِ الْمُدَرِّسِينَ بِمِصْرَ، فَلَا وَلَا يَكُونُ مُدَرِّسُ الْمَدْرَسَةِ مِنْ الشَّعَائِرِ إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَمَّا مُدَرِّسُو زَمَانِنَا فَلَا، كَمَا لَا يَخْفَى.

ــ

[غمز عيون البصائر]

(٧٤) قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ أَقُولُ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِزَمَنِ الْعِمَارَةِ وَالْعَمَلِ، إذْ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ لَا يَكُونُ بِمَعْنَاهُمْ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ كَمَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْوَقْفِ يَقْبِضُونَ الْغَلَّةَ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا تَعْمِيرَ فِي الْوَقْفِ وَلَا عَمَلَ فِيهِ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْقَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَهِيَ طَاحُونَةٌ وَقَفَهَا عَلَى مَوَالِيهِ مَعَ جُمْلَةِ أَرْضٍ فَجَعَلَ الْقَاضِي لِلْوَقْفِ قَيِّمًا وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَهِيَ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْقَيِّمِ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَيِّمُ عُشْرَ غَلَّتِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ وَلَا أُجْرَةَ بِدُونِ الْعَمَلِ (انْتَهَى) .

لَكِنَّ هَذَا فِي نَاظِرٍ لَمْ يَتَشَرَّطْ لَهُ الْوَاقِفُ، أَمَّا إذَا اشْتَرَطَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ لَا بِالْعَمَلِ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُمْ إلَّا إذَا كَانَ فِي زَمَنِ الْعِمَارَةِ وَالْعَمَلِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ (انْتَهَى) .

وَقَدْ سُئِلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ مُدَرِّسٍ لَمْ يُدَرِّسْ لِعَدَمِ وُجُودِ طَلَبَةٍ تُقَرَّرُ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ؟ أَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِلتَّدْرِيسِ بِأَنْ حَضَرَ الْمَدْرَسَةَ الْمُعَيَّنَةَ لِتَدْرِيسِهِ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ لِإِمْكَانِ التَّدْرِيسِ لِغَيْرِ الطَّلَبَةِ الْمَشْرُوطِينَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُدَرِّسِ يَقُومُ بِغَيْرِ الطَّلَبَةِ بِخِلَافِ الطَّالِبِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَقُومُ بِغَيْرِهِ (انْتَهَى) .

فَعُلِمَ أَنَّ الْمُدَرِّسَ إذَا دَرَّسَ بِغَيْرِ الطَّلَبَةِ الْمَشْرُوطَةِ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>