بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ، وَشَبَهَ الصَّدَقَةِ لِتَصْحِيحِ أَصْلِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً، فَإِذَا مَاتَ الْمُدَرِّسُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مَثَلًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَقَبْلَ ظُهُورِهَا، وَقَدْ بَاشَرَ مُدَّةً ٧٩ - ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ، يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ وَقْتَ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ إلَى مُدَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَوْقَافِ عَلَى الْفُقَهَاءِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ دَرْسٍ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً، وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الْأَوْقَافُ بِبُخَارَى عَلَى الْعُلَمَاءِ لَا يُعْرَفُ مِنْ وَاقِفِيهَا شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ يُحْصَوْنَ وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى مُتَعَلِّمِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى عُلَمَائِهَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ ثُمَّ رَقَّمَ الْأَوْقَافَ الْمُطْلَقَةَ عَلَى الْفُقَهَاءِ قِيلَ: التَّرْجِيحُ بِالْحَاجَةِ وَقِيلَ بِالْفَضْلِ (انْتَهَى) .
قَالَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ فِي كِتَابِهِ إجَابَةُ السَّائِلِ: لَا شَكَّ أَنَّ الْحَمْلَ وَإِنْ كَانَ صَرَفَ اللَّفْظَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ صَلَاحِيَّةِ الْكَلَامِ لِقَبُولِهِ وَهَهُنَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَهَاءِ مُطْلَقًا لَمَّا صَحَّتْ الْغَايَةُ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ حِينَئِذٍ بَلْ الظَّاهِرُ إجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا فَهِمَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ إذْ نَظَمَهُ فَقَالَ:
وَلَيْسَ بِأَجْرٍ قَطُّ مَعْلُومُ طَالِبٍ ... فَعَنْ دَرْسِهِ لَوْ غَابَ لِلْعِلْمِ يُعْذَرُ
نَعَمْ لَك أَنْ تَقُولَ إنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ أُجْرَةً أَيْ مَحْضَةً وَلَا صَدَقَةً كَذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي انْتَهَى.
(٧٨) قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ إلَخْ قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ لِلشُّبْهَةِ دَلِيلٌ مَا. تَأَمَّلْ
(٧٩) قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ أَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتَ نَقْلِهَا مِنْ الْبَيْدَرِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ انْعِقَادِ الزَّرْعِ أَوْ وَقْتُ صَيْرُورَةِ الزَّرْعِ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى ذَلِكَ بِعِطْفِ قَوْلِهِ وَإِدْرَاكُهَا عَلَيْهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute