وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. ٨٥ - وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. ٨٦ - وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
(٨٥) قَوْلُهُ: وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قِيلَ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِرُجُوعِ الْوَصْفِ إلَى الْأَخِيرِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ، نَقَلَ فِي وَقْفِ هِلَالٍ: فَإِنْ قَالَ لِوَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ فَهِيَ لِلذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ مِنْ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَفِي أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْفُقَرَاءِ إنِّي أُعْطِي مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (انْتَهَى) .
وَرَدَّهُ أَخُو الْمُؤَلِّفِ فِي كِتَابِهِ إجَابَةِ السَّائِلِ بِأَنَّ هَذَا خَطَأٌ نَشَأَ مِنْ عَدَمِ التَّدَبُّرِ فِي الْكَلَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَخِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ وَأَمَّا كَوْنُهُ خِلَافَ الْمَنْقُولِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ هِلَالٌ مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ دُخُولِهِمْ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، بَلْ عَدَمُ الدُّخُولِ هُنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِمَا قَدْ عَلِمْتَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْوُجُودِ ذَكَرًا عَنْ ذَكَرٍ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِيرِ الْمُضَافُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَخِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ كَلَامًا لَا يَصْدُرُ عَنْ عَاقِلٍ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُخَرَّجَ عَلَيْهَا هَذِهِ الْجُزْئِيَّةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا تَعَقَّبَ الْوَصْفُ مُتَعَاطِفَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا هُوَ بِمَرْأًى وَمِسْمَعٍ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ أَنْ لَا عَطْفَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَخِيرًا فِي اللَّفْظِ فَهُوَ أَوْلَى بِحَسَبِ الْمَرْجِعِ.
(٨٦) قَوْلُهُ: وَإِنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ إلَخْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَدْ أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ الْعَطْفَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَدَاةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute