للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ دَابَّةً كَذَلِكَ

٥ - فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادٍ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا بِكَوْنِهِ مَجْهُولًا لَا اسْتِثْنَاءً مِنْ مَعْلُومٍ، فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا. نَقُولُ هُنَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

مَعَ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالرَّهْنُ حَقٌّ مُتَأَكَّدٌ لَازِمٌ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ حَيْثُ لَا يَسْرِي حُكْمُ الْجِنَايَةِ إلَى الْوَلَدِ فَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا غَيْرُ مُتَأَكَّدٍ حَتَّى يَنْفَرِدَ الْمِلْكُ بِإِبْطَالِهِ بِالْفِدَاءِ، وَبِخِلَافِ وَلَدِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْكَفِيلَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَوَلَدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ حَقُّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَفِي الْكَفَالَةِ الْحَقُّ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ وَالْوَلَدُ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الذِّمَّةِ، وَفِي الْغَصْبِ السَّبَبُ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْوَلَدِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِيهِ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ وَالتَّبَعِيَّةُ تَجْرِي فِي الْأَوْصَافِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفِي الْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا الْمُسْتَحِقُّ لَهُ الْخِدْمَةُ وَهِيَ مَنْفَعَةٌ وَالْوَلَدُ غَيْرُ صَالِحٍ لَهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا.

. (٤) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ الْأَمَةِ إلَّا حَمْلَهَا بِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَازُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْحَمْلُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهَا وَبَيْعُ الْأَصْلِ يَتَنَاوَلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ خَوْفِ مُوجَبِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ فَيَصِيرُ شَرْطًا فَاسِدًا وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ أَمَةً وَحَمْلَهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ وَإِنْ اقْتَضَى عَدَمَ الْفَسَادِ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً وَحَمْلَهَا، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا، لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ يُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ.

(٥) قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ إلَخْ. أَقُولُ: عَلَّلَ الْفَسَادَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا مُتَّصِلٌ بِهَا خِلْقَةً، وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعَةِ بِدُونِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ (انْتَهَى) .

وَعَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهَا مَعَهُ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>