وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَعَكْسِهِ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بِعْتُ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ كَانَ إعْتَاقًا عَلَى مَالٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كُلَّ الرِّبْحِ كَانَ الْمَالُ قَرْضًا وَلَوْ شَرَطَ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً. وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ عَلَى نِصْفِهِ ٣٥ - قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ كَالْإِبْرَاءِ وَكَوْنُهُ عَقْدَ صُلْحٍ يَقْتَضِي الْقَبُولَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ رُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ.
وَلَوْ وُهِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَبِلَ كَانَتْ إقَالَةً. وَخَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ، وَلَا الْعَارِيَّةُ بِالْإِجَارَةِ بِلَا أُجْرَةٍ، وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ. وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ بِأَلْفَاظِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
لِأَنَّهُ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ، وَالْإِجَارَةُ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ لَفْظِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِهِ وَبَيْنَ لَفْظِ الْهِبَةِ حَيْثُ تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجَارَةُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْهِبَةَ لَمَّا كَانَتْ أَشْبَهَ بِالْإِجَارَةِ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ صَحَّ اسْتِعَارَةُ لَفْظِ الْهِبَةِ لَهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْمَالَ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ خِلَافًا فِي انْعِقَادِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ. وَمِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ يُفْهَمُ أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا بِلَفْظِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(٣٤) قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا لِجَانِبِ الْمَعْنَى كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ.
(٣٥) قَوْلُهُ: قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي، فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَحَيْثُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعْنَى لَا اللَّفْظِ كَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ مُتَعَيَّنًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلْيُحَرَّرْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute