للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَهُوَ الرِّضَى.

وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ،

١٠٦ - بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ بِالتَّلْقِينِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُهُمَا، لِأَنَّ الرِّضَى لَيْسَ شَرْطَهُمَا وَلِذَا ١٠٧ - لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِمَا يَقَعَانِ.

وَأَمَّا الطَّلَاقُ، فَصَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي، أَنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَهَذَا دَلِيلُ مَا مَرَّ أَنَّ هِبَةَ الْمَازِحِ جَائِزَةٌ (انْتَهَى) .

قِيلَ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُمْ مَزَحُوا بِالْهِبَةِ بَلْ ظَاهِرُ طَلَبِهِ الْهِبَةُ الْجَدِّيَّةُ فَأَجَابُوهُ بِهَا.

غَايَتُهُ أَنَّهُ وَعَدَهُمْ أَنْ يَضْرِبَ وَأَرَادَ الْكَسْرَ وَأَفْهَمهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ مِثْلَ ضَرْبِهِمْ فَلَمَّا وَهَبُوهُ وَمَلَك تَصَرَّفَ بِمَا أَرَادَ مِنْ ضَرْبِهَا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ إمَامٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ فِي الزُّهْدِ وَالْعِلْمِ، لَهُ فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفَاتٌ مَا يُظَنُّ بِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمِزَاحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.

وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ جِدِّيَّةٌ قَوْلُ صَاحِبِ الْخِزَانَةِ فِيهَا: جَازَتْ الْهِبَةُ لِاسْتِجْمَاعِ الشَّرَائِطِ.

وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ دَلِيلَ الْهِبَةِ الْمَقَامَ هِيَ هِبَةُ الْمُلَاهِي لِلْمَشْهُورِ بِالْعِلْمِ وَالزُّهْدِ كَمَا ذَكَرَتْ غَيْرُ مُنَاسَبَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ مَزْحًا وَنَقْلُهُ عَنْ الْخِزَانَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعِي إذْ الْمُرَادُ بِالشَّرَائِطِ التَّكْلِيفُ (١٠٥)

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا.

قِيلَ: فِيهِ أَنَّ الْهِبَةَ مَعَ الْهَزْلِ تَصِحُّ وَرَضِيَ مَعَهُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ مَعَ الْهَزْلِ بِعَدَمِ الرِّضَى مَعَهُ وَهَذَا تَدَافُعٌ

(١٠٦) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ إلَخْ.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَقَّنَهُ الطَّلَاقَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ الْعَتَاقَ أَوْ التَّدْبِيرَ أَوْ لَقَّنَهَا الزَّوْجُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ.

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا تَقَعُ دِيَانَةً وَقَالَ مَشَايِخُ أُوزْجَنْدَ لَا تَقَعُ أَصْلًا صِيَانَةً لِأَمْلَاكِ النَّاسِ عَنْ الْإِبْطَالِ بِالتَّلْبِيسِ.

وَكَمَا لَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى بِالْعَرَبِيِّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ.

وَالْبَعْضُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِلرِّضَى أَثَرًا فِي وُجُودِ الْبَيْعِ لَا الطَّلَاقِ وَالْهِبَةِ وَتَمَامُهَا بِالْقَبْضِ.

وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَكَذَا لَوْ لُقِّنَتْ الْخُلْعَ، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ.

وَقِيلَ: يَصِحُّ الْخُلْعُ بِقَبُولِهَا.

وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرْنَا (انْتَهَى) .

فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلَّفُ.

(١٠٧) قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِمَا يَقَعَانِ.

أَقُولُ: الْمُرَادُ الْإِكْرَاهُ عَلَى إنْشَاءِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ لِمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>