وَلِذَا قَالُوا: إنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُضْرَبُ فِي الْحَبْسِ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ. قُلْت ١٧ - إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَاتِ، وَإِذَا لَمْ يَقْسِمْ بَيْنَ نِسَائِهِ وَوَعَظَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ الْقِسْمِ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَعَ قُدْرَتِهِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِهِ.
وَالْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ أَنَّ الْحَقَّ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ لَا يُقْضَى
١٨ - وَكَذَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلِذَا قَوْلُهُ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُضْرَبُ إلَخْ.
فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يُضْرَبُ الْمَدْيُونُ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ وَلَا يُؤَاجَرُ وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَالَةً. (١٧) قَوْلُهُ:
إلَّا فِي ثَلَاثٍ، اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، لَا مِنْ قَوْلِهِ: الْمَدْيُونُ لَا يُضْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ. كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَاتِ. مِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ نَقْلًا عَلَى الْبَدَائِعِ.
(١٨) قَوْلُهُ: وَكَذَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إلَخْ. أَقُولُ فِيهِ: إنَّ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ غَيْرُ كَافٍ فَإِنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ أَيْضًا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهَا كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ لَا مُطْلَقُ الْقَرِيبِ، وَمِثْلُ الْقَرِيبِ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ.
قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ، وَلَا مِلْكَ لِلصِّغَارِ أَيْضًا، هَلْ يَفْرِضُ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ يَفْرِضُ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَيَكْتَسِبُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لَا تَسْقُطُ بِالْعُسْرَةِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْبَسْ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ، فَإِنَّ الْأُصُولَ وَإِنْ عَلَوْا لَا يُحْبَسُونَ بِدُيُونِ الْأَوْلَادِ وَالْفَرْقُ فِي الذَّخِيرَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ النَّفَقَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute