وَكَمَا يَصِحُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ
١٣٥ - وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْإِشْهَادِ يَصِحُّ بَعْدَهُ، هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا قَالَ لِي دَفْعٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ قَالَ: بَيِّنَتِي بِهِ غَائِبَةٌ عَنْ الْبَلَدِ لَمْ يُقْبَلْ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ بَيَّنَ دَفْعًا فَاسِدًا لَوْ كَانَ الدَّفْعُ صَحِيحًا وَقَالَ: بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ يُمْهِلُهُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
١٣٦ - وَالْإِمْهَالُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ، وَادَّعَى إيفَاءَهُ أَوْ الْإِبْرَاءَ، فَإِنْ قَالَ: بَيِّنَتِي فِي الْمِصْرِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَضَى لِلْمُدَّعِي قَبْلَ الدَّفْعِ ثُمَّ دَفَعَ بِالْإِيدَاعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مِنْ الْكُلِّيِّ فَافْهَمْ. أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَبَرْهَنَ الدَّافِعُ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لِأُمِّهِ فَقَطْ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِهِ كَانَ دَفْعًا قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا بَعْدَهُ لِتَأَكُّدِهِ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ الثَّانِي (انْتَهَى) .
فَيَنْبَغِي أَنْ تُخَصَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْكُلِّيَّةِ، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ إلَّا فِي الْمُخَمَّسَةِ
(١٣٤) قَوْلُهُ: وَكَمَا يَصِحُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ. بِأَنْ حَكَمَ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ، وَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِالدَّفْعِ، تُسْمَعُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ. وَفِيهِ لَوْ أَتَى بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا تُقْبَلُ لِجَوَازِ أَنْ يُبَرْهِنَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِجَوَازِ التَّوْفِيقِ، بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِخِيَارٍ فَلَمْ يَمْلِكْهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَقْتَ الْحُكْمِ فَيَمْلِكُهُ؛ فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا لَمْ يَبْطُلْ الْحُكْمُ الْجَائِزُ بِشَكٍّ، وَلَوْ بَرْهَنَ قَبْلَ الْحُكْمِ تُقْبَلُ، وَلَا يَحْكُمُ إذْ الشَّكُّ يَمْنَعُ الْحُكْمَ وَلَا يَدْفَعُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ
(١٣٥) قَوْلُهُ: وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْإِشْهَادِ يَصِحُّ بَعْدَهُ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا التَّصْحِيحُ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ، مَعَ أَنَّهُ بَحَثَ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ وَتَتِمَّةِ الْأَكْمَلِ وَلَمْ يُبْدِ هَذَا التَّصْحِيحَ لِيَرْتَفِعَ الْإِشْكَالُ
(١٣٦) قَوْلُهُ: وَالْإِمْهَالُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ. قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: ادَّعَى عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute