للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، قَالُوا: إنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ بِالْقَصْدِ، فَجَوَّزُوا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قِرَاءَةَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَذْكَارِ بِقَصْدِ الذِّكْرِ، وَالْأَدْعِيَةِ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ، لَكِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: لَوْ قَرَأَ بِقَصْدِ الذِّكْرِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

شَاكَلَ ذَلِكَ. النِّيَّةُ نِيَّةُ الْحَالِفِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (انْتَهَى) . وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: رَجُلٌ حَلَّفَ رَجُلًا فَحَلَفَ وَنَوَى غَيْرَ مَا أَرَادَ الْمُسْتَحْلِفُ إنْ كَانَ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّفِ ظَالِمًا كَانَ أَوْ مَظْلُومًا. وَإِنْ كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّفِ (انْتَهَى) . فَظَهَرَ بِمَا نَقْلنَا أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبِمَا إذَا كَانَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي. ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْك مُخَالَفَةُ عِبَارَةِ مَآلِ الْفَتَاوَى لِلْأُخْرَى وَمُخَالَفَتُهُ لِتَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ لَهَا. فَتَأَمَّلْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: فِي الْأَيْمَانِ فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ حَلَّفَ سُلْطَانٌ رَجُلًا لِيَأْخُذَ بِالتُّهْمَةِ غُرَمَاءَ الْمُتَوَارِي وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُمْ وَهُوَ يَعْلَمُهُمْ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ الرَّجُلِ الَّذِي تَوَارَى وَيُرِيدُ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى سَبِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ مُحَمَّدًا لَيْسَ بِرَسُولٍ. وَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ الْخَصَّافِ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِ فِي الْمَظْلُومِ وَمِثْلِهِ فِي الْخَانِيَّةِ هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ فَاغْتَنِمْهُ

(١٢٨) قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. قَالُوا إنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ إلَخْ. الْمُرَادُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كَلَامِهِ مَا يَشْمَلُ عَلَى دُعَاءٍ وَذِكْرٍ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ فَجَوَّزُوا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قِرَاءَةَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَذْكَارِ بِقَصْدِ الذِّكْرِ وَالْأَدْعِيَةِ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ فَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَهُمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْآيَةِ وَمَا دُونَهَا عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى الْعَامَّةِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ: «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَشَيْئًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ وَأَبَاحَ الطَّحَاوِيُّ مَا دُونَ الْآيَةِ وَرَجَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّصْحِيحَ قَدْ اخْتَلَفَ فِيمَا دُونَ الْآيَةِ، وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ مُطْلَقَةٌ وَالتَّعْلِيلُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ مَرْدُودٌ. هَذَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَعْلِيمِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ يُلَقَّنُ كَلِمَةً كَلِمَةً وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً تَامَّةً. كَذَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>