عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَذَكَرُوهُ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ؛ ١٣٣ - وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ، ١٣٤ - وَأَمَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَإِلَّا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (انْتَهَى) .
وَفِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ كَانَ يَنْزِعُهُ لَيْلًا وَيُعَاوِدُهُ نَهَارًا أَوْ عَكْسَهُ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ، مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ النَّزْعِ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ أَمْ لَا وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ لِمُحَمَّدٍ
(١٣٢) قَوْلُهُ: عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» حَيْثُ قَالُوا الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ مَا يَشْتَمِلُ عَمَلَ الْقَلْبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ كَفُّ النَّفْسِ فِي النَّهْيِ فَإِنَّهُ عَمَلٌ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ النِّيَّةِ فِي التُّرُوكِ إنَّمَا هُوَ لِحُصُولِ الثَّوَابِ لَا لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ، لِأَنَّ مَنَاطَ الْوَعِيدِ بِالْعِقَابِ فِي النَّهْي هُوَ فِعْلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَمُجَرَّدُ تَرْكِهِ كَافٍ فِي انْتِفَاءِ الْوَعِيدِ.
وَمَنَاطُ الثَّوَابِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَفُّ النَّفْسِ عَنْهُ وَهُوَ عَمَلٌ مُنْدَرِجٌ فِي الْحَدِيثِ.
وَعَلَى هَذَا فَفَرْقُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ الْوُضُوءِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، بِأَنَّ الْوُضُوءَ فِعْلٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، كَتَرْكِ الزِّنَا ضَعِيفٌ.
فَإِنَّ التَّكْلِيفَ أَبَدًا لَا يَقَعُ إلَّا بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَقْدُورُ الْمُكَلَّفِ لَا لِعَدَمِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَقْدُورِ وُجُودِهِ قَبْلَ التَّكْلِيفِ كَمَا عُرِفَ فِي مُقْتَضَى النَّهْيِ أَنَّهُ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الْفِعْلِ لَا عَدَمِ الْفِعْلِ فَلِهَذَا لَا يُثَابُ الْمُكَلَّفُ عَلَى التُّرُوكِ إلَّا إذَا تَرَكَ قَاصِدًا، فَلَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا إلَّا إذَا كَفَّ نَفْسَهُ عَنْهُ قَصْدًا أَمَّا إذَا اشْتَغَلَ عَنْهُ بِالنَّوْمِ وَالْعِبَادَةِ وَتَرَكَهُ بِلَا قَصْدٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ الْمُوجِبَيْنِ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.
(١٣٣) قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ إلَخْ.
لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ، وَالتَّرْكُ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ وَالتَّكْلِيفُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي تَتَنَاوَلُهُ الْقُدْرَةُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ.
(١٣٤) قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ يَعْنِي فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ