وَالْحُدُودِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ. ٢٨٤ - وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ النَّسَبِ، وَجَزَمَ بِالْقَبُولِ ابْنُ وَهْبَانَ، ٢٨٥ - وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، ٢٨٦ - وَالْخُلْعِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْحُدُودِ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى هِلَالِ الْفِطْرِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا وَالسُّكْرِ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.
(٢٨٤) قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ إلَخْ. حُكِيَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرُمَاتٍ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، حُرْمَةُ الْفُرُوجِ وَحُرْمَةُ الْأُمُومَةِ وَالْأُبُوَّةِ فَتُقْبَلُ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ؛ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ. وَنَقَلَ عَنْ الْقُنْيَةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى الْمَوْلَى بِنَسَبِ عَبْدٍ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَوَازَ يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعَدَمِهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (٢٨٥) قَوْلُهُ: وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ. فِي الْقُنْيَةِ قَاسَهَا عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تُقْبَلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِدُونِ الدَّعْوَى، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعِتْقِ. وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ وَهْبَانَ الْقَبُولَ يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ كَمَا فِي عِتْقِهِمَا فَتُقْبَلُ فِي الْأَمَةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَفِي الْعَبْدِ يَجْرِي الْخِلَافُ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: عِنْدِي فِي هَذَا التَّخْرِيجِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلْقَبُولِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْإِمَامِ كَوْنُ ذَلِكَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ، وَهُمَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ لَا تُوجَدُ فِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ أَعْنِي حُرْمَةَ الْفَرْجِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَكُونُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ فَيُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا فَتَأَمَّلْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُرْمَةَ الْفَرْجِ عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ (انْتَهَى) . وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمَةِ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَطْفُ الْخُلْعِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.
(٢٨٦) قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْخُلْعِ بِدُونِ دَعْوَى الْمَرْأَةِ مَقْبُولَةٌ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيَدْخُلُ الْمَالُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ تَبَعًا (انْتَهَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَهَذِهِ اتِّفَاقِيَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute