الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ.
وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ.
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَالْأُولَى أَوْلَى.
تَنَازَعَا فِي وَلَاءِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَرْهَنَ كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ ٣٠٢ - فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا.
كَمَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نَسَبِ وَلَدٍ كَانَ بَيْنَهُمَا.
وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سِيقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ إلَخْ.
وَذَلِكَ بِأَنْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إشَارَةٌ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ جَائِزَةٌ، حَيْثُ قَالَ: وَكِيلٌ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ يَدَّعِي عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَيِّنَةٌ قَامَتْ عَلَى الْغَائِبِ وَلَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ أَحْضَرَ خَصْمًا وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ بِالْكُوفَةِ، وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْوَكَالَةِ جَازَ، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَكِيلًا فِيمَا شَهِدَتْ لَهُ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى الْغَائِبِ لِلْقَضَاءِ بِهَا وَعَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْحَاضِرِ الَّذِي يَجْحَدُ الْوَكَالَةَ وَبَيْنَ الْغَائِبِ اتِّصَالًا بِسَبَبِ الْمُدَايِنَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا وَفِي هَذَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، فَيَقُومُ إنْكَارُ الْحَاضِرِ مَقَامَ إنْكَارِ الْغَائِبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ فَكَانَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمٌ حَاضِرٌ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ.
قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ جَائِزَةٌ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: فِي الْأَصْلِ وَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقًّا وَلَمْ يَقُلْ: أَحْضَرَ رَجُلًا لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقٌّ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ مُسَخَّرًا يَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
لَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ أَمَّا إذَا عَلِمَ لَا، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(٣٠٢) قَوْلُهُ:
فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا.
قِيلَ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَحَدُ التَّارِيخَيْنِ سَابِقٌ إذْ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ السَّابِقِ