للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيُّ فَإِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ ظَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي شِرَائِهِ لِلْغَيْرِ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ

الْآمِرُ إذَا قَيَّدَ الْفِعْلَ بِزَمَانٍ؛ كَبِعْ هَذَا غَدًا أَوْ أَعْتِقْهُ غَدًا، فَفَعَلَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَنْ يَعْقِدَ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَيْ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْدَادِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ مُسْتَبِدًّا هَذَا الْكُلِّيُّ مُطَّرِدٌ وَلَا يَنْعَكِسُ.

ثُمَّ قَالَ وَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِ الْكُلِّ الذِّمِّيُّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِرَابِ الْخَمْرِ وَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا عَرَضِيًّا فِي الْوَكِيلِ وَالْعَوَارِضُ لَا تَقْدَحُ فِي الْقَوَاعِدِ (انْتَهَى) .

وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

أَقُولُ: لَا إشْكَالَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْ

(٥٠) قَوْلُهُ:

الْوَصِيُّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ إلَخْ.

الْوَصِيُّ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ خَرَجَ.

أَقُولُ فِيهِ: إنَّ مَسْأَلَةَ الْوَصِيِّ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْهُ فَإِنَّ الشِّرَاءَ فِيهَا لَمْ يَقَعْ مِنْ وَكِيلِ الْوَصِيِّ وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْوَصِيِّ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ قَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ فِي فُرُوقِهِ الْوَصِيُّ إذَا أَمَرَهُ الْإِنْسَانُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَاشْتَرَى لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ جَانِبِ الْيَتِيمِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ وَمَنْ جَانِبِ الْآمِرِ كَذَلِكَ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُضَادَّةِ بِخِلَافِ نَفْسِهِ (انْتَهَى) وَهَذَا الْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ تَصَرُّفًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ يَمْلِكُ تَمْلِيكَهُ اعْتِبَارًا بِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ التَّفْوِيضُ إلَى التَّضَادِّ وَالتَّنَافِي وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ مُتَوَلِّيًا طَرَفَيْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ الْوَاحِدُ مُسَلِّمًا وَمُسَلَّمًا قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا وَهَذَا تَنَاقُضٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ تُصَانُ عَنْهُ.

ذَكَرَ هَذَا الْأَصْلَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>