للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

اجْتِمَاعُهُمَا فَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِالتَّصَرُّفِ كَالْخُصُومَةِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِغَيْرِ مَالٍ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ.

نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَا مُمَيِّزَيْنِ تَلْزَمُهُمَا الْأَحْكَامُ أَوْ أَحَدُهُمَا صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ مَحْجُورٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَإِذَا وَكَّلَ اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي كُلِّ تَمْلِيكٍ بِلَا بَدَلٍ كَمَا إذَا قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِكُمَا فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ؛ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا فَلَا يَنْفُذُ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَفِيمَا عَدَا هَذَيْنِ.

الْمَوْضِعَيْنِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا كَالطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ وَكَّلَهُمَا بِكَلَامَيْنِ جَازَ تَفَرُّدُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ جُعِلَا وَصِيَّيْنِ بِكَلَامٍ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ صَارَا وَصِيَّيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ وَأَجَزْنَاهُ أَيْ تَفَرُّدَ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ فِي الْخُصُومَةِ وَقَالَ زُفَرُ وَلَا يَجُوزُ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَالْوَكِيلَيْنِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِ شَارِحِ الْمَجْمَعِ وَفِيمَا عَدَا هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا مَا فِي الْبَدَائِعِ: الْوَكِيلَانِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْبِضَ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ وَالْأَمَانَةِ وَقَدْ فَوَّضَ الرَّأْيَ إلَيْهِمَا جَمِيعًا لَا إلَى أَحَدِهِمَا وَرَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا جَمِيعًا لَا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا لَا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ حَتَّى يَصِلَ مَا قَبَضَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَيَقَعَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ يَصِلَ إلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْمَقْبُوضُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ إلَى الْمُوَكِّلِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا قَبَضَا ابْتِدَاءً (انْتَهَى) .

قِيلَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ قَضَاءً وَالدَّيْنِ فَإِنَّ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ فِيهَا أَنْ يَنْفَرِدَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْوَكِيلِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَفِي كُلِّ تَمْلِيكٍ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذْ هُوَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ تَأَمَّلْ.

وَكَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الْهِبَةِ فَقَبَضَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ رَجُلَيْنِ فِي الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِإِثْبَاتِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>