وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ، ٢٤ - وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى ٢٥ - كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ.
فَيُقَالُ إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْعَوْدَ إلَى دَعْوَاهُ قِيلَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ السَّابِقُ.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِبْرَاءُ. (٢٣) قَوْلُهُ: وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ إلَخْ.
وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الدَّارَ الْمُدَّعَاةَ وَيُعْطِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَارًا أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ؛ وَجَبَ فِيهِمَا الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَلَوْ عَنْ إقْرَارٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ بَدَلَ مِلْكِهِ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ كَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ عَلَى مَنَافِعَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى مَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الشُّفْعَةِ بِهَا. (٢٤) قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي إلَخْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْحَمْلِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِجَوَازِ الصُّلْحِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهَا بِسَبَبِ الْمُنَاقَضَةِ أَوْ لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى فَإِذَا صَحَّ الصُّلْحُ مَعَ فَسَادِهَا بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ خَالَفَ مَا فِي الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْ. (٢٥) قَوْلُهُ: وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ إلَى آخِرِهِ.
فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ صِحَّةُ الدَّعْوَى أَمْ لَا؟ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ بِشَرْطٍ، لَكِنْ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ يُصْبِحُ الصُّلْحُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ الْمَجْهُولِ دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلُ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا (انْتَهَى) .
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِينِ الْمُفْتِي بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: إذَا عَلِمْتَ هَذَا؛ عَلِمْتَ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الصُّلْحِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ إنَّمَا صَحَّ الصُّلْحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute