الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى، إلَّا إذَا قَالَ: صَالَحْتُكَ عَلَى كَذَا وَأَبْرَأْتُك عَنْ الْبَاقِي.
الصُّلْحُ إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً، وَلَوْ كَانَ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَخِّرْهَا عَنِّي أَوْ صَالِحْنِي فَإِقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ: أَبْرِئْنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ صَالِحْنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا فِي دَعْوَى الدَّارِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِ الْحَقِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُجْمَلَ وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَعْوَى الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا.
(٢٩) قَوْلُهُ: الصُّلْحُ إذَا كَانَ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً وَكَذَا إذَا وَقَعَ عَنْ مَنْفَعَةٍ بِمَالٍ أَيْ اُعْتُبِرَ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمُدَّةِ كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَالْمَسَافَةِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ صَبْغِ الثَّوْبِ وَحَمْلِ الطَّعَامِ فَاشْتُرِطَ بَيَانُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ إنْ عَقَدَهُ لِنَفْسِهِ وَكَذَا بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْبَعْضِ بَطَلَ فِيمَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي بِقَدْرِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ.
وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ فَقُتِلَ؛ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ الْمَوْلَى بَطَلَ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يَخْدُمُهُ إنْشَاءً كَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ حَيْثُ يَضْمَنُ الْمَوْلَى بِالْإِتْلَافِ وَالْعِتْقِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْإِجَارَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَلِفِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاعْتَمَدَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَكَذَا بُطْلَانُ الصُّلْحِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْعَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعِي لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ أَيْضًا فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَتَقُومُ وَرَثَةُ الْمُدَّعِي مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَاقِدُ ثُمَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إجَارَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا وَقَعَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِنْ ادَّعَى دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَاهَا شَهْرًا فَهُوَ اسْتِيفَاءُ بَعْضِ حَقِّهِ لَا إجَارَةٌ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَصُورَةُ الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَاعْتَرَفَ بِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارِهِ أَوْ رُكُوبِ دَابَّتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.
وَصُورَةُ الصُّلْحِ عَنْ مَنْفَعَةٍ بِمَالٍ: رَجُلٌ ادَّعَى سُكْنَى دَارٍ سَنَةً وَصِيَّةً مِنْ مَالِكِهَا فَأَقَرَّ بِهِ وَارِثُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute