كَالْقِصَاصِ ٣٤ - وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ،
٣٥ - الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: كَالْقِصَاصِ.
أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى قِصَاصًا فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ، عَلَى جَارِيَةٍ فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُدَّعِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَضَمَّنَهُ الْعُقْرَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ إلَى دَعْوَاهُ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَقِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَيْضًا وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ادَّعَاهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ يَعْنِي لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَجَحَدَهَا أَوْ سَكَتَ فَصَالَحَهُ عَلَى جَارِيَةٍ وَقَبَضَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ الْأَلْفُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّلْحَ ثَمَّةَ وَقَعَ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ وَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْخِيَارَ، فَكَذَا يَنْفَسِخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا انْفَسَخَ عَادَتْ الدَّعْوَى كَمَا كَانَتْ فَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ الْأَلْفُ، أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَفْوٌ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، فَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِاسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ بَقِيَ الصُّلْحُ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِتَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهَا فَتَجِبُ قِيمَتُهَا.
كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ الْمَارْدِينِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إذَا أَقْرَرْتُمْ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّمِ لَا يَنْتَقِضُ بِاسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ وَجَبَ أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى دَعْوَاهُ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إلَى الدَّعْوَى نَتِيجَةُ انْتِقَاضِ الصُّلْحِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَلَمْ يُنْتَقَضْ. (٣٤) قَوْلُهُ: وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
أَقُولُ: لَمْ يَجْعَلْ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ الْعِتْقَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ بَلْ نَظِيرُ الْقِصَاصِ فِي عَدَمِ قَبُولِ النَّقْضِ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا يَحْتَاجُ إلَى إمْعَانِ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ.
(٣٥) قَوْلُهُ: الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ.
أَقُولُ: فِي الْبَحْرِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ مُطْلَقًا وَالْمَنْفَعَةِ كَصُلْحِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْمُؤَجِّرِ عِنْدَ إنْكَارِ الْإِجَارَةِ أَوْ مِقْدَارِ الْمُدَّةِ الْمُدَّعَى بِهَا أَوْ الْأُجْرَةِ (انْتَهَى) .
وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute