ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ. ٣٦ - وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْجَامِعِ.
الْقَرْضُ لَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي وَصِيَّةٍ كَمَا ذَكَرُوهُ قُبَيْلَ الرِّبَا، وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْحُودًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ كَمَا فِي صَرْفِ الظَّهِيرِيَّةِ، ٣٧ - وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
لَهُ عَلَى الْمُقْرِضِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَتَاعٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ مَرِضَ الْمُسْتَقْرِضُ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَصَارَ قِصَاصًا ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ صَارَ الْمُسْتَقْرِضُ قَاضِيًا دَيْنَ الْمُقْرِضِ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُقْرِضِ مُؤْثِرًا لَهُ عَلَى سَائِر الْغُرَمَاءِ، فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا حِصَصَهُمْ مِنْ الْمُقْرِضِ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَتَاعِ سَابِقًا عَلَى الْقَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا سَبِيلَ لِغُرَمَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ عَلَى الْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا ثَمَنَ الْمَتَاعِ وَالْمُقْرِضَ صَارَ قَاضِيًا وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْعَتَّابِيِّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ. (٣٥) قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ.
إنَّمَا قَيَّدَ بِالْحُلُولِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ تَقَعْ الْمُقَاصَّةُ لِاخْتِلَافِ الْوَصْفِ كَالْجَيِّدِ مَعَ الرَّدِي.
(٣٦) قَوْلُهُ: وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ.
أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ، أَوْفَاهُ فِي مَرَضِهِ مَا اسْتَقْرَضَهُ فِي صِحَّتِهِ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْبَاقِي مِنْ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ وَقَضَى فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ دَيْنُ الْمَرَضِ أَوْ دَيْنُ الصِّحَّةِ إذْ حَقُّ الْكُلِّ فِي التَّعْلِيقِ بِمَالِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَوْتِ سَوَاءٌ فَكَانَ إيثَارُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْبَاقِي فَلَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَضَى الْقَرْضَ أَوْ أَدَّى الثَّمَنَ جَازَ؛ إذْ لَيْسَ بِإِبْطَالٍ لِلْحَقِّ لِحُصُولِ بَدَلِهِ وَحَقُّهُمْ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ لَا بِالصُّورَةِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
(٣٧) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ إلَخْ.
عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ: قَضَى الْقَاضِي بِلُزُومِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ تَأْجِيلُ الْقَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْأَجَلُ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْخَلَلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute